الفائدة الثالثة: أن الآية عامة في جميع طبقات المنعم عليهم ولو أتى باسم خاص لكان لم يكن فيه سؤال الهداية إلى صراط جميع المنعم عليهم فكان في الإتيان بالاسم العام من الفائدة أن المسئول الهدى إلى جميع تفاصيل الطريق التي سلكها كل من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وهذا أجل مطلوب وأعظم مسئول ولو عرف الداعي قدر هذا السؤال لجعله هجيراه وقرنه بأنفاسه، فإنه لم يدع شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه.
ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضاً متكرراً في اليوم والليلة لا يقوم غيره مقامه؛ ومن ثم يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها).
الفصل السابع عشر
توحيد صراط أهل الحق وجمع طرق أهل الغضب والضلال
وحد الصراط لأنه واحد؛ فذكره مفرداً معرفاً تعريفين تعريفاً باللام وتعريفاً بالإضافة وذلك يفيد تعيينه واختصاصه وأنه صراط واحد؛ وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها.
وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) [٦: ١٥٣] فوحد لفظ الصراط وسبيله؛ وجمع السبل المخالفة له؛ وقال ابن مسعود: خط لنا رسول الله خطا وقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال: هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ثم قرأ قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق؛ ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطرق عليهم مسدودة والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد فإنه متصل بالله موصل إلى الله قال الله تعالى: (هذا صراط علي مستقيم) [١٥: ١٤].