كان السلف يقولون: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى؛ وهذا كما قالوا: فإن من فسد من العلماء فاستعمل أخلاق اليهود من تحريف الكلم عن مواضعه وكتمان ما أنزل الله إذا كان فيه فوات غرضه وحسد من آتاه الله من فضله وطلب قتله وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس ويدعونهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم إلى غير ذلك من الأخلاق التي ذم بها اليهود من الكفر واللي والكتمان والتحريف والتحيل على المحارم وتلبيس الحق بالباطل فهذا شبهه باليهود ظاهر.
وأما من فسد من العباد فعبد الله بمقتضى هواه لا بما بعث به رسوله وغلا في الشيوخ فأنزلهم منزلة الربوبية وجاوز ذلك إلى نوع من الحلول أو الإتحاد فشبهه بالنصارى ظاهر.
فعلى المسلم أن يبعد من هذين الشبهين غاية البعد؛ ومن تصور الشبهين والوصفين وعلم أحوال الخلق علم ضرورته وفاقته إلى هذا الدعاء الذي ليس للعبد دعاء أنفع منه ولا أوجب منه عليه، وأن حاجته إليه أعظم من حاجته إلى الحياة والنفس، لأن غاية ما يقدَّر بفوتهما موته، وهذا يحصل له بفوته شقاوة الأبد؛ فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين إنه قريب مجيب).
الفصل السادس والعشرون
في بيان خصائص الطوائف الثلاث
كل من الطوائف الثلاث صفتها ثابتة لها حال وجودها على هذه الأرض وقبل ذلك وبعده.
الفصل السابع والعشرون
في بيان معنى الدعاء بصيغة الجمع (اهدنا)
(اهدنا) فيه سؤال الهداية للجميع وفيه إشارة إلى حرص المؤمن على الدعوة؛ وقال ابن القيم في (بدائع الفوائد) (٢/٢٧٥) في إجابته عن سؤال هو (ما فائدة الإتيان بضمير الجمع في اهدنا والداعي يسأل ربه لنفسه في الصلاة وخارجها ولا يليق به ضمير الجمع ولهذا يقول رب اغفر لي وارحمني وتب علي):