الأمر السابع(١): يتعلق بالماضي وهو أمور وقعت منه على غير جهة الاستقامة فهو محتاج إلى تداركها بالتوبة منها وتبديلها بغيرها وإذا كان كذلك فإنما يقال: كيف يسأل الهداية وهي موجودة له ثم يجاب عن ذلك بأن المراد التثبيت والدوام عليها.
إذا كانت هذه المراتب حاصلة له بالفعل فحينئذ يكون سؤاله الهداية سؤال تثبيت ودوام فأما إذا كان ما يجهله أضعاف ما يعلمه، وما لا يريده من رشده أكثر مما يريده، ولا سبيل له إلى فعله إلا بأن يخلق الله فاعلية فيه فالمسئول هو أصل الهداية على الدوام تعليماً وتوفيقاً وخلقاً للإرادة فيه وإقداراً له وخلقاً للفاعلية وتثبيتاً له على ذلك؛ فعلم أنه ليس أعظم ضرورة منه إلى سؤال الهداية أصلها وتفصيلها علماً وعملاً، والتثبيت عليها والدوام إلى الممات.
وسر ذلك أن العبد مفتقر إلى الهداية في كل نفس في جميع ما يأتيه ويذره أصلاً وتفصيلاً وتثبيتاً ومفتقر إلى مزيد العلم بالهدى على الدوام فليس له أنفع ولا هو إلى شيء أحوج من سؤال الهداية فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم وأن يثبت قلوبنا على دينه).
الفصل الثاني والثلاثون
دلالات العبارات ومقتضياتها ولوازمها وإشاراتها
ثبوت صفة الرحمة يقتضي ثبوت صفة العدل والعلم.
***
(اهدنا) في فاتحة الكتاب دليل على أن الكتاب كتاب هداية؛ وهو يهدي للتي هي أقوم لاكتمال دعوته وتناسبها وكمال علم الله.
***
(غير ----) فيه استعاذة من أمراض الشهوات وهي الناشئة عن فساد القصد والإرادة ومن أمراض الشبهات وهي الناشئة عن فساد العلم والارادة؛ وفيه براءة من الكفار وبغض لهم في الله.
***
الاستعاذة من صراط المغضوب عليهم استعاذة من الغضب والاستعاذة من صراط الضالين استعاذة من أسباب الضلال.
***
(رب العالمين) تقتضي الحمد والشكر والخوف والرجاء والإيمان بالقدر والنبوات واليوم الآخر.
***

(١) أي سابع الأمور الستة المتقدمة؛ أعني الثلاثة الأصول والثلاثة المتممة.


الصفحة التالية
Icon