أحدها: إثبات حمده فإنه يقتضي ثبوت أفعاله لا سيما وعامة مواد الحمد في القرآن أو كلها إنما هي على الأفعال وكذلك هو ههنا فإنه حمد نفسه على ربوبيته المتضمنة لأفعاله الاختيارية ومن المستحيل مقارنة الفعل لفاعله هذا ممتنع في كل عقل سليم وفطرة مستقيمة فالفعل متأخر عن فاعله بالضرورة وأيضا فإنه متعلق الإرادة والتأثير والقدرة ولا يكون متعلقها قديماً ألبتة.
الثاني: إثبات ربوبيته للعالمين وتقريرما ذكرناه والعالم كل ما سواه فثبت أن كل ما سواه مربوب والمربوب مخلوق بالضرورة وكل مخلوق حادث بعد أن لم يكن فإذا ربوبيته تعالى لكل ما سواه تستلزم تقدمه عليه وحدوث المربوب ولا يتصور أن يكون العالم قديما وهو مربوب أبدا فإن القديم مستغن بأزليته عن فاعل له وكل مربوب فهو فقير بالذات فلا شيء من المربوب بغنى ولا قديم.
الثالث: إثبات توحيده فإنه يقتضي عدم مشاركة شيء من العالم له في خصائص الربوبية والقدرة من خصائص الربوبية فالتوحيد ينفى ثبوته لغيره ضرورة كما ينفى ثبوت الربوبية والإلهية لغيره.
الفصل الرابع والخمسون
في بيان تضمنها للرد على الرافضة
وذلك من قوله (اهدنا الصراط المستقيم) إلى آخرها؛ ووجه تضمنه إبطال قولهم أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
منعم عليهم وهم أهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق واتبعوه ومغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه وضالون وهم الذين جهلوه فأخطأوه؛ فكل من كان أعرف للحق وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم.
ولا ريب أن أصحاب رسول الله ﷺ ورضي الله عنهم هم أولى بهذه الصفة من الروافض فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله ﷺ ورضى الله عنهم جهلوا الحق وعرفه الروافض، أو رفضوه وتمسك به الروافض.


الصفحة التالية
Icon