وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية ٣) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي ﷺ في حجة الوداع بعرفة، ففي صحيح البخاري (١٣)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي ﷺ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة.
ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع :
أ- أما من حيث الأسلوب فهو :
١- الغالب في المكي قوة الأسلوب، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون، ولا يليق بهم إلا ذلك، أقرأ سورتي المدثر، والقمر.
أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين، وسهولة الخطاب، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون، أقرا سورة المائدة.
٢- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم، أقرا سورة الطور.
أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات، وذكر الأحكام، مرسلة بدون محاجة، لأن حالهم تقتضي ذلك، أقرأ آية الدين في سورة البقرة.
ب- وأما من حيث الموضوع فهو :
١- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك.
أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات.
٢- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال، ذلك حيث شرع الجهاد، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي.
فوائد معرفة المدني والمكي :
معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة، وذلك لأن فيها فوائد منها :


الصفحة التالية
Icon