والذي يدع الزنا نقول: هو متقٍ بترك الزنا، وإنما سمي ذلك تقوى لأنه وقاية من عذاب الله، فإن الإنسان إذا قام بطاعة الله فقد اتخذ وقاية من عذاب الله - عز وجل - هؤلاء المتقون يقول الله - عز وجل -: ﴿في جنات ونعيم ﴾، وجنات جمع جنة، وهي الدار التي أعدها الله تعالى للمتقين في الآخرة، بدليل قول الله تبارك وتعالى: ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأَرض أعدت للمتقين ﴾ وإذا قلنا: إن الجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى لعباده في الدار الآخرة، فهل يمكن أن تكون في الدنيا؟ نقول: أما بالنسبة لدخول الجنة التي هي الجنة فهذا لا يمكن في الدنيا، أما بالنسبة لكون الإنسان يأتيه من نعيم الجنة ما يأتيه، فهذا يمكن، وذلك في القبر إذا سُئل الإنسان عن ربه، ودينه، ونبيه، فأجاب الصواب، فإنه يفرش له فراش من الجنة، ويُفتح له باب إلى الجنة، ويُفسح له في قبره مُدَّ البصر ()، وجمعت الجنات في الآية لأنها أنواع، ذكر الله في سورة الرحمن أربعة أنواع ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان ﴾. ثم قال: ﴿ومن دونهما جنتان ﴾. هذه الجنان الأربع تختلف بما جاء في وصفها في سورة الرحمن، ﴿إن المتقين في جنات ونعيم ﴾ أي نعيم البدن، ونعيم القلب، فهم في سرور دائم، وهم في صحة دائمة، وهم في حياة دائمة، فجميع أنواع النعيم كاملة لهم، نسأل الله أن يجعلنا منهم ﴿فاكهين بمآ ءاتهم ربهم ﴾، الفاكه هو المسرور، كما في قوله تعالى: ﴿وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ﴾. أي: مسرورين ﴿بمآ ءاتهم ربهم ﴾ أي: بما أعطاهم ربهم من النعيم، ﴿ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ﴾ فحصلوا على السلامة من الشرور بوقاية الجحيم، وعلى تمام السرور في جنات النعيم ﴿كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون ﴾ (كلوا واشربوا) فعل أمر، وهذا الأمر ليس تكليفاً وإنما الأمر هنا للتكريم، أي يقال لهم: كلوا من كل ما في الجنة من النعيم ﴿فيهما من كل فاكهة زوجان ﴾. {فيهما فاكهة ونخل