سمعتم، أخبروني عن شأن هذه الأصنام وما قيمتها، وما مرتبتها، وما عزتها ﴿أفرءيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى﴾ هذه ثلاثة أصنام مشهورة عند العرب يعبدونها من دون الله، ويخضعون لها كما يخضعون لله، ويتقربون إليها كما يتقربون لله - عز وجل -، ومع ذلك هم يعتقدون أنها لا تنفعهم عند الشدة، فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، وعلموا أنه لا منجي من هذه الشدة إلا رب العالمين، لكن الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم في عبادة هذه الأصنام التي يدعون أنها تقربهم من الله تعالى، كما قال الله عنهم ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ ولكن في الحقيقة لا تقربهم إلى الله بل تبعدهم منه، ﴿أفرءيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأُخرى ﴾ الثالثة بالنسبة لاثنتين قبلها ﴿الأُخرى ﴾ يعني المتأخرة وكأنها - والله أعلم - دون اللات والعزى في المرتبة عند العرب، ثم قال تعالى منكراً على هؤلاء المشركين ﴿ألكم الذكر وله الأُنثى ﴾ يعني أتجعلون لكم الذكور، ولله الإناث، وذلك بقولهم إن الملائكة بنات الله، وهم لم يشهدوا خلق الملائكة، ولم يطلعوا على ذلك، كما قال الله تعالى: ﴿وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ﴾ والجواب: لا، لم يشهدوا خلقهم، ولكن مع ذلك ستكتب هذه الشهادة عليهم ويسألون، نسأل الله العافية، وهم ﴿وإذا بشر أحدهم بالأُنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به﴾، ومع ذلك يجعلون لرب العالمين الذي خلق الذكر والأنثى البنات، ويجعلون لأنفسهم البنين، وهذه القسمة قسمة جور، ﴿تلك إذاً قسمة ضيزى ﴾، يعني تلك القسمة، وهي أن يجعل لله البنات ولهم البنين ﴿قسمة ضيزى ﴾ أي: جائرة مائلة عن الحق، لأننا لو قلنا بأنه جائز أن يكون لله ولد لكان الأولى أن يكون له البنون، لأن البنين أعلى من البنات بلا شك، وهو سبحانه وتعالى أعلى من المخلوقين، فيجب أن يكون الأعلى للأعلى، والأدنى للأدنى، هذه


الصفحة التالية
Icon