تفسير سورة القمر
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ البسملة تقدم الكلام عليها. ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ اقتربت بمعنى قربت، لكن العلماء يقولون: إن زيادة المبنى يدل على زيادة المعنى، وهنا اقتربت فيها زيادة المبنى على قربت، والزيادة: الهمزة والتاء، فيدل على أن القرب قريب جداً، فمعنى اقتربت أي قربت جداً، والساعة هي يوم القيامة، وقد قال الله تعالى فيها: ﴿فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها﴾ أي: علاماتها، ومن علاماتها بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام وكونه خاتم الأنبياء دليل على أنه قد قربت الساعة، ولهذا حقق النبي عليه الصلاة والسلام هذا بقوله: «بعثت أنا والساعة كهاتين» () وقال بإصبعه الوسطى والسبابة، والسبابة قريبة من الوسطى ليس بينهما إلا جزء يسير مقدار الظفر، وهذا يدل على قربها، لكن مع ذلك كم بيننا وبين الرسول ﷺ ؟ نحن في القرن الخامس عشر الهجري بعد بعثة الرسول ﷺ بثلاث عشرة سنة، ومع ذلك مازالت الدنيا باقية مما يدل على أن ما مضى طويل جداً، حتى إن الرسول ﷺ عند غروب الشمس قال: «إنه لم يبق من الدنيا - يعني بالنسبة لمن سبقكم - إلا كما بقي من يومكم هذا» ()، ﴿ وانشق القمر ﴾ كأن الله أشار إلى أن هذا من أشراط الساعة، ﴿وانشق القمر ﴾ والمعنى أنه صار فرقتين تميز بعضهما عن بعض، أحدهماعلى جبل أبي قبيس، والثانية على جبل قعيقعان يعني فلقة على الصفا وفلقة على المروة، والمسافة السماوية في رؤيا العين ما بين الصفا والمروة بعيدة جداً، قد تستغرق سنوات، انشق القمر بلحظة بأمر الله - عز وجل - وتباعدت أجزاؤه بلحظة، لأن قريشاً كانوا يتحدون الرسول عليه الصلاة والسلام ويطلبون منه الآيات، وقد قال الله ردًّا عليهم: {قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب