تجري من تحتي، يقررهم بهذا، سيقولون: بلى، أفلا تبصرون. ﴿أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ﴾، يعني بذلك موسى، فأغرقهم الله في اليم حين جمع فرعون جنوده واتبع موسى ومن اتبعه ليقضي عليهم، ولكن الله بحمده وعزته قضى عليهم، ثم قال تعالى: ﴿أكفاركم خير من أولائكم﴾ الخطاب هنا لقريش، أي: يعني هل كفاركم خير من هذه الأمم السابقة التي أهلكها الله؟ ﴿أم لكم براءة في الزبر﴾ يعني أم لكم براءة في الكتب أن الله مبرئكم من عاقبة أفعالكم؟ والجواب لا هذا ولا هذا، يعني إما أن يكون كفاركم خير من الكفار السابقين، وإما أن يكون لكم براءة من الله - عز وجل - كتبها الله لكم ألا يعاقبكم، وكل هذا لم يكن، فليس كفارهم خيراً من الكفار السابقين، وليس لهم براءة في الزبر، ولهم دعوى ثالثة ﴿أم يقولون نحن جميع منتصر ﴾، أم هنا بمعنى بل الإضرابية، وهي إضراب الانتقال، يعني: بل يقولون نحن، والضمير لقريش ﴿جميع منتصر ﴾، جميع هنا بمعنى جمع، ولهذا قال ﴿منتصر ﴾، ولم يقل منتصرون، يعني جمع كثير منتصر على محمد وقومه، هذا معنى كلامهم، فأعجبوا بأنفسهم، وظنوا أنهم قادرون على القضاء على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورسالته، فماذا كان جوابهم من الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾ أي: يخذلون شر خذيلة، ويولون الدبر، ولا يستطيعون المقاومة ولا المدافعة ولا المهاجمة، مع أنهم كانوا يقولون نحن جميع منتصر، ولكن لا انتصار لهم، وهذا هو الذي وقع ولله الحمد، وأول ما وقع في غزوة بدر حين اجتمع كبراؤهم ورؤساؤهم وصناديدهم في نحو ما بين تسعمائة إلى ألف رجل، في مقابل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً مع النبي ﷺ فهزموا - والحمد لله - شر هزيمة، وتحدثت بهم الأخبار، وألقي أربعة وعشرون نفراً من رؤسائهم في قليب من قلب بدر خبيثة منتنة، وهذه شر هزيمة لا شك، ولذا قال: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر ﴾، هذه عقوبتهم في


الصفحة التالية
Icon