كل شيء مكتوب، قال الله - عز وجل -: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ وما يفعل من فعل كذلك لديه رقيب عتيد، لأنه إذا كانت الأقوال تكتب وهي أكثر بآلاف المرات من الأفعال، فما تنطق به لا يحصى، فإذا كانت الأقوال تكتب، فالأفعال من باب أولى، فعليك أن تتقي الله - عز وجل - ولا تخالف الله، إذا سمعت الله يقول خبراً، فقل: آمنت به وصدقت، وإذا سمعت الله يقول شيئاً أمراً، فقل: آمنت به سمعاً وطاعة، نهياً آمنت به، وسمعاً وطاعة. فاترك المنهي عنه، وافعل المأمور به، ﴿إن المتقين في جنات ونهر﴾ هذا مقابل قوله: ﴿إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم﴾ ﴿إن المتقين في جنات ونهر﴾ الجنات جمع جنة، وقد ذكر الله تعالى أصنافها في سورة الرحمن فقال: ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ ثم قال: ﴿ومن دونهما جنتان﴾ فهي إذن أربع ذكرها الله في سورة الرحمن، إذاً ﴿في جنات﴾ يعني في هذه الجنات الأربع، هذه الأصناف لكن أنواعها كثيرة، والجنات نفسرها بأنها شرعاً هي: (الدار التي أعدها الله للمتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)، لكن عندما تقرأ قول الله تعالى: ﴿إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة﴾ تفسر الجنة بأنها البستان الكثير الأشجار، وعندما تقرأ: ﴿كلتا الجنتين آتت أكلها﴾ تفسر بأنها بستان كثير الأشجار، لكن لا تفسر جنة النعيم في الآخرة بهذا التفسير، لأنك إن فسرتها بهذا التفسير قلَّت الرغبة فيها وهبطت عظمتها في قلوب الناس، لكن قل: هي الدار التي أعدها الله لأوليائه، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، سكانها خير البشر، النبيون، والصديقون، والشهداء والصالحون، حتى تحفز النفوس على العمل لها، وحتى لا يتصور الجاهل أن ما فيها كأمثال ما في الدنيا وقوله: ﴿ونهر﴾ يعني بذلك الأنهار، وذكر الله تعالى أصنافها أربعة في سورة القتال: {أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه