الإنسان أن يترك سدًى } فنحن نؤمن أن الله لا يقدر قدراً إلا لحكمة، لكن قد نعلم هذه الحكمة وقد لا نعلم، ولهذا قال: ﴿كل يوم هو في شأن ﴾، ولكن اعلم أيها المؤمن أن الله تعالى لا يقدر لك قدراً إلا كان خيراً لك، إن أصابتك ضراء فاصبر وانتظر الفرج، وقل: الحمد لله على كل حال. وكما يقال: دوام الحال من المحال، فينتظر الفرج فيكون خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وليس هذا لأحد إلا للمؤمن ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان ﴾ نقول فيها ما قلنا في الآيات السابقة أن المعنى بأي نعمة من نعم الله تكذبان؟ والجواب: لا نكذب بشيء من نعم الله، بل نقول: هي من عند الله، فله الحمد وله الشكر، ومن نسب النعمة إلى غير الله فهو مكذب. وإن لم يقل إنه مكذب قال الله تعالى: ﴿وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ وهذه الآية يعني بها قولهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، وقد قال النبي ﷺ وهو يحدث أصحابه على إثر مطر كان، قال لهم بعد صلاة الصبح: «هل تدرون ماذا قال ربكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا، وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب» ().
﴿سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ هذه الجملة المقصود بها الوعيد، كما يقول قائل لمن يتوعده سأتفرغ لك، وأجازيك. وليس المعنى أن الله تعالى يشغله شأن عن شأن ثم يفرغ من هذا، ويأتي إلى هذا، هو سبحانه يدبر كل شيء في آن واحد في مشارق الأرض ومغاربها وفي السماوات، وفي كل مكان يدبره في آن واحد، ولا يعجزه. فلا تتوهمن أن قوله: ﴿سنفرغ﴾ أنه الآن مشغول وسيفرغ. بل هذه جملة وعيدية تعبر بها العرب، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب وفي قوله: ﴿سنفرغ لكم﴾ من التعظيم ما هو ظاهر حيث أتى بضمير الجمع، ﴿سنفرغ﴾ تعظيماً لنفسه - جل وعلا - وإلا فهو واحد، وقوله: {أيها الثقلان


الصفحة التالية
Icon