ترج إناء فيه ماء كيف يكون اضطراب الماء فيه، فالأرض يوم القيامة ترج بأمر الله - عز وجل -، وهذا كقوله تعالى: ﴿إذا زلزلت الأَرض زلزالها ﴾ وقوله تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾، ﴿وبست الجبال بساً ﴾ أي: بعثرت وهبطت وصارت كثيباً مهيلاً، ولهذاقال: ﴿فكانت هباءً منبثاً ﴾ كالهباء الذي نراه حينما تنعكس أنوار الشمس في حجرة مظلمة، ترى هذا الهباء من خلال ضوء الشمس منبثًّا متفرقاً، هذه الجبال الصم الصلبة التي يكون الصخر فيها أكبر من الجبال، بل ربما يكون الجبل الواحد صخرة واحدة يكون يوم القيامة هباء منبثًّا بأمر الله - عز وجل -، فتبقى الأرض ليس فيها جبال ولا شجر ولا أودية ولا رمال، كما قال الله - عز وجل -: ﴿ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً ينسفها ربي نسفاً فيذرها﴾ أي الأرض ﴿قاعاً صفصفاً لا ترىفيها عوجاً ولا أمتاً ﴾ ﴿وكنتم﴾ الخطاب للآدميين عموماً ﴿أزواجاً ثلاثة ﴾ أي أصنافاً، كما قال الله عز وجل: ﴿احشروا الذين ظلموا وأزواجهم﴾ أي: أصنافهم، وقال تعالى: ﴿وءاخر من شكله أزواج ﴾ أي: أصنافاً، فمعنى أزواجاً يعني أصنافاً (ثلاثة) لا رابع لها: السابقون، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، فينقسم الناس يوم القيامة ثلاثة أقسام لا رابع لها ﴿فأصحاب الميمنة مآ أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة مآ أصحاب المشئمة والسابقون السابقون﴾ ذكرهم الله تعالى غير مرتبين في الفضل، فبدأ الله بأصحاب الميمنة ثم ثنَّى بأصحاب الشمال، ثم ثلَّث بالسابقين، لكن عند التفصيل بدأ بهم مرتبين على حسب الفضل فبدأ بالسابقين، ثم بأصحاب اليمين، ثم بأصحاب الشمال، وهذا التفصيل المرتب خلاف الترتيب المجمل، وهو من أساليب البلاغة، ﴿فأصحاب الميمنة مآ أصحاب الميمنة ﴾. يعني أنه - عز وجل - أخبر بأن أحد الأصناف أصحاب الميمنة، ثم قال ﴿مآ أصحاب الميمنة ﴾ من هم، وسيأتي إن شاءالله ذكرهم مفصلاً، ﴿وأصحاب المشئمة﴾ أي: ذوو الشؤم،


الصفحة التالية
Icon