تعمى القلوب التى في الصدور } إذن هو عليم بما في القلب، وإذا كنت تصدق بذلك فهل يمكن أن تضمر في قلبك ما لا يرضاه الله، إن كنت مؤمناً؟ لا يمكن، فطهِّر قلبك من الرياء والنفاق، والغل على المسلمين والحقد والبغضاء، لأن قلبك معلوم عند الله - عز وجل -، اللهم طهر قلوبنا، اللهم طهر قلوبنا، اللهم طهر قلوبنا. فطهر القلب من هذا، واملأه محبة لله تعالى وتعظيماً، كما يليق به ومحبة للرسول ﷺ وتعظيماً، كما يليق به، ومحبة للمؤمنين، ومحبة لشريعة الله تعالى، فلا تضمر في هذا القلب شيئاً يكرهه الله، فإن فعلت فالله عليم به لا يخفى عليه، فطهر قلبك حتى يكون نقياً سليماً، لأنه لا ينفع يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم كما قال - عز وجل -: ﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم﴾ وتغيرات القلب تغيرات سريعة وعجيبة، ربما ينتقل من كفر إلى إيمان، أو من إيمان إلى كفر في لحظة، نسأل الله الثبات، وتغير القلب يكون على حسب ما يحيط بالإنسان، وأكثر ما يوجب تغير القلب إلى الفساد حب الدنيا، فحب الدنيا آفة، والعجب أننا متعلقون بها، ونحن نعلم أنها متاع الغرور، وأن الإنسان إذا سرّ يوماً أسيء يوماً آخر، كما قال الشاعر:
ويوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر
كل لذة في الدنيا فهي محوطة بمنغص، لذلك احرص على تطهير القلب من التعلق بالدنيا إلا فيما ينفعك في الآخرة، كأن تتعلق بالدنيا لتصبح غنياً تنفق مالك في سبيل الله وفيما يرضي الله، - عز وجل - فهذا شيء آخر، وطلب المال للأعمال الصالحة خير، لكن طلب المال لمزاحمة أهل الدنيا في دنياهم شر.
﴿آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ ﴿آمنوا﴾، الخطاب للعباد كلهم، ﴿بالله﴾ رب العالمين ﴿ورسوله﴾ محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والأمر هنا للوجوب الذي هو أشد أنواع الوجوب تحتماً، والإيمان بالله أن تؤمن بأنه رب العالمين، وأن تؤمن بأنه الإله المعبود