وقوله: ﴿ما في السماوات والأَرض﴾ أي: كل ما في السماوات والأرض، فإنه يسبح الله - عز وجل - وينزهه، ويشمل الآدمي، والجن، والملائكة، والحشرات، والحيوانات، وكل شيء، فكل ما في السماوات والأرض يسبح الله، وهل يسبحه بلسان المقال بمعنى يقول: سبحان الله، أو بلسان الحال، بمعنى أن تنظيم السماوات والأرض والمخلوقات على ما هي عليه يدل على كمال الله - عز وجل - وتنزهه عن كل نقص، الجواب: أنه يسبح الله بلسان الحال وبلسان المقال، إلا الكافر، فإنه يسبح الله بلسان الحال لا بلسان المقال؛ لأن الكافر يصف الله بكل نقص، يقول: اتخذ الله ولداً، ويقول: إن معه إلهاً، وربما ينكر الخالق أصلاً، لكن حاله وخلقته وتصرفه تسبيح لله - عز وجل -. وهل الحشرات والحيوانات تسبح الله بلسان المقال؟ الجواب: نعم، قال الله تعالى: ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ الحشرات كلها تسبح الله بلسان المقال، والحصى يسبح الله كما كان ذلك بين يدي رسول الله ﷺ () ﴿وهو العزيز الحكيم ﴾ العزيز يعني ذو العزة، والعزة هي الكبرياء والغلبة والسلطان وما أشبه ذلك، فالعزيز هو ذو السلطان الكامل والغلبة الكاملة، فلا أحد يغلبه - عز وجل - يقول الشاعر الجاهلي:
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
والحكيم لها معنيان: المعنى الأول: ذو الحكمة، والمعنى الثاني: ذو الحكم التام، فهي مشتقة من شيئين: من الحكمة والحكم، فالحكمة هي أن جميع أفعاله وأقواله وشرعه حكمة، وليس فيه سفه بأي حال من الأحوال، ولهذا قيل في تعريف الحكمة: (إنها وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها)، فما من شيء من أفعال الله، أو من شرع الله إلا وله حكمة، فإذا قدر الله الحر الشديد الذي يهلك الثمار فهو حكمة لا شك، وإذا منع الله المطر فهو حكمة، وإذا ألقى الله الموت بين الناس فهو حكمة، وكل شيء فهو حكمة، والشرائع كلها حكمة فإذا أحل الله البيع وحرم الربا


الصفحة التالية
Icon