ولا غير ذلك، ليس دونه شيء، ﴿الأَول والأَخر﴾ اشتملا على عموم الزمان، ﴿والظاهر والباطن﴾ على عموم المكان.
﴿وهو بكل شيء عليم ﴾، كل شيء فالله عليم به، ﴿إن الله لا يخفى عليه شيء في الأَرض ولا في السماء ﴾ فلو عمل الإنسان في جوف بيته في حجرة مظلمة فإن الله تعالى يعلم عمله، بل زد على ذلك أنه يعلم ما توسوس به نفسك كما قال الله - عز وجل -: ﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه﴾. وأنت إذا فكرت في شيء فالله يعلم به قبل أن يكون، ويعلم الماضي البعيد، ويعلم المستقبل البعيد ويعلم بكل شيء، ولهذا قال موسى - عليه الصلاة والسلام - لما سأله فرعون: ﴿فما بال القرون الأُولى ﴾ يعني شأنها قصها علينا ﴿قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ﴾ لا يضل معناه لا يجهل، لأن الضلال معناه الجهل، كما قال الله - عز وجل - في نبيه: ﴿ووجدك ضآلا فهدى ﴾ ضال ليس معناها فاسق، بل معناه أنه جاهل لا يدري كما قال تعالى: ﴿وكذلك أوحينآ إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾ وقال تعالى: ﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ﴾ إذن الله بكل شيء عليم، وإذا علمت أن الله بكل شيء عليم هل يمكنك أن تقدم على معصية الله وأنت في خفاء عن الناس؟ لا، لأنك تعلم أن الله يعلمك، قال الله - عز وجل -: ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم﴾ الجواب: بلى، ﴿ورسلنا لديهم يكتبون ﴾، فإذن إذا آمنت بأن الله - جل وعلا - عليم بكل شيء فإنه يستلزم أن لا تقوم بمعصيته ولو في الخفاء، وأن لا تترك طاعته ولو في الخفاء، ولقد قال الله - عز وجل - عن نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال: ﴿وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في ءاذانهم﴾ لأجل أن لا يسمعوا، ﴿واستغشوا ثيابهم﴾ لئلا يبصروا بها - والعياذ بالله - لأنهم يكرهون الحق وقوله: ﴿وهو بكل شيء عليم ﴾ يشمل أفعال العباد وأقوال العباد، بل إنه يعلم سبحانه وتعالى ما