المجيد }، عرش عظيم جداً جداً، لا يعلم قدره إلا الله، استوى الله عليه لكمال سلطانه - جل وعلا - و(ثم) في قوله: ﴿ثم استوى على العرش﴾ تدل على الترتيب، أي أن خلق السماوات والأرض سابق على الاستواء على العرش، ومعنى ﴿استوى﴾ أي: على؛ لأن الاستواء في اللغة العربية إذا تعد بـ (على) كان معناها العلو، مثاله قول الله تبارك وتعالى: ﴿وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين﴾، ومن ذلك قوله تعالى عن نوح: ﴿فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظلمين﴾.
فقوله: ﴿استويت أنت ومن معك على الفلك﴾ يعني علوت عليه، إذن ﴿استوى على العرش﴾ يعني على العرش، وإذا رأيت من يقول استوى على العرش أي استولى على العرش، فقد كذب على الله - عز وجل - لأن الله تعالى نزل هذا القرآن العظيم باللغة العربية، واللغة العربية تدل على أن استوى إذا تعدت بعلى فهي بمعنى العلو لا غيره، فيكون الذي يفسرها باستولى كاذب على الله - عز وجل - جانياً على نصوص الكتاب، محرفاً لها، وجنايته عليها من وجهين:
الوجه الأول: صرفها عن ظاهرها.
والوجه الثاني: إحداث معنى لا يدل عليه الظاهر، وهذا قد يوجد كثيراً في كتب الأشاعرة، سواء كانوا مفسرين أو غير مفسرين لكنهم بهذا والله والله والله قد ضلوا ضلالاً مبيناً، نسأل الله العافية، فمن الذي استولى على العرش حين خلق السماوات والأرض؟! إذا كان الله لم يستولِ عليه إلا بعد خلق السماوات والأرض فهو لمن من قبل؟! نعم يلزمهم أن يقولوا لغير الله، وإلا فقد أخطأوا يعني تبين خطأهم وهم مخطئون والحمد لله، ﴿يعلم ما يلج في الأَرض﴾ أي: ما يدخل فيها من جثث الموتى، ومن الحبوب التي تنبت بإذن الله، ومن المياه التي يسلكها الله ينابيع في الأرض ثم يخرجها، وغير ذلك من الحشرات وغيرها، فكل ما يلج في الأرض


الصفحة التالية
Icon