يعلمه الله.
﴿وما يخرج منها﴾ أي: من النبات والمياه والمعادن وغيرها، ﴿وما ينزل من السماء﴾ أي: من الملائكة والأمطار والشرائع وغير ذلك، ﴿وما يعرج فيها﴾أي: إليها، لكن جاءت بلفظ ﴿فيها﴾ بدل إليها لنستفيد فائدتين:
الفائدة الأولى: العروج يعني الصعود.
الفائدة الثانية: الدخول، لأن ﴿في﴾ يناسبها من الأفعال الدخول، تقول: دخل في المكان، أما عرج ويعرج فالذي يناسبها إلى، لكن الله - عز وجل - عدل عن قوله (يعرج إليها) إلى قوله ﴿يعرج فيها﴾ ليفيد الصعود، والدخول.
وضمن يعرج معنى يدخل. والتضمين موجود في القرآن الكريم، وفي اللغة العربية قال الله تعالى: ﴿عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً ﴾ المناسب ليشرب (من) كما قال تعالى: ﴿يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ﴾ يعني منه، ﴿فشربوا منه إلا قليلاً منهم﴾ وهنا قال: ﴿يشرب بها﴾ قال العلماء: الحكمة أن يشرب هنا ضمنت معنى يروى، أي: يروى بها. ومعلوم أنك إذا قلت: يروى بها. فقد تضمن معنى يشرب، وزيادة. والتضمين فن مهم في باب البلاغة، ينبغي لطالب العلم أن يدرسه ويحققه، حتى يستفيد إذا اختلفت الحروف مع عواملها، ﴿يعرج فيها﴾ من الأشياء ما يصل إلى السماء الدنيا ويقف، ومنها ما يعرج في السماء الدنيا حتى يصل إلى الله - عزوجل - ﴿وهو معكم﴾ هو الضمير يعود إلى الله - عز وجل - ﴿معكم﴾ أي: مصاحب لكم، كما قال النبي ﷺ :«اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل» () لكن هذه الصحبة ليست صحبة مكان. بمعنى أننا إذا كنا في مكان كان الله معنا. حاشا وكلا، لا يمكن هذا، وكيف يتصور عاقل أن الله معنا في مكاننا، وكرسيه وسع السماوات والأرض؟! هذا مستحيل، والكرسي موضع القدمين، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه ()، فإذا كان كذلك هل يعقل أن رب السماوات والأرض الذي يوم القيامة تكون السماوات مطويات بيمينه، والأرض جميعاً قبضته هل يمكن أن يكون معنا في أماكننا الضيقة