﴿ءأنتم أشد خلقاً أم السماء﴾ هذا الاستفهام لتقرير إمكان البعث؛ لأن المشركين كذبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبعث وقالوا: ﴿من يحيي العظام وهي رميم﴾ [يس: ٧٨]. فيقول الله عز وجل: ﴿ءأنتم أشد خلقاً أم السماء﴾ الجواب معلوم لكل أحد أنه السماء كما قال تعالى: ﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ [غافر: ٥٧]. ﴿بناها﴾ هذه الجملة لا تتعلق بالتي قبلها، ولهذا ينبغي للقارىء إذا قرأ أن يقف على قوله ﴿أم السماء﴾ ثم يستأنف فيقول: ﴿بناها﴾ فالجملة استئنافية لبيان عظمة السماء، ﴿بناها﴾ أي بناها الله عز وجل وقد بين الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في سورة الذاريات أنه بناها بقوة فقال: ﴿والسماء بنيناها بأيد﴾ أي بقوة ﴿وإنا لموسعون﴾. ﴿رفع سمكها فسواها﴾ رفعه يعني عن الأرض ورفعه عز وجل بغير عمد كما قال الله تعالى: ﴿الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها﴾ [الرعد: ٢]. ﴿فسواها﴾ أي جعلها مستوية، وجعلها تامة كاملة كما قال تعالى في خلق الإنسان: ﴿يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك﴾ [الانفطار: ٦، ٧]. فسواك: أي جعلك سويًّا تام الخلقة، فالسماء كذلك سواها الله عز وجل. ﴿وأغطش ليلها﴾ أغطشه أي أظلمه، فالليل مظلم، قال الله تعالى: ﴿وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة﴾ [الإسراء: ١٢]. ﴿وأخرج ضحاها﴾ بينه بالشمس التي تخرج كل يوم من مطلعها وتغيب من مغربها. ﴿والأرض بعد ذلك﴾ أي بعد خلق السماوات والأرض ﴿دحاها﴾ بين سبحانه هذا الدحو بقوله: ﴿أخرج منها ماءها ومرعاها﴾ وكانت الأرض مخلوقة قبل السماء كما قال الله تعالى: {قل أئِنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدَّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا


الصفحة التالية
Icon