إذا قيل له أذكر الله آثر اللغو على ذكر الله وهكذا... ﴿فإن الجحيم هي المأوى﴾ أي هي مأواه، والمأوى هو المرجع والمقر وبئس المقر مقر جهنم ـ أعاذنا الله منها ـ ﴿وأما من خاف مقام ربه﴾ يعني خاف القيام بين يديه؛ لأن الإنسان يوم القيامة سوف يقرره الله عز وجل بذنوبه ويقول عملت كذا، عملت كذا، عملت كذا كما جاء في الصحيح، فإذا أقر قال الله له: «قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»، هذا الذي خاف هذا المقام، ﴿ونهى النفس عن الهوى﴾ أي عن هواها، والنفس أمَّارة بالسوء لا تأمر إلا بالشر. ولكن هناك نفس أخرى تقابلها وهي النفس المطمئنة؛ وللإنسان ثلاث نفوس: مطمئنة، وأمارة، ولوامة، وكلها في القرآن، أما المطمئنة ففي قوله تعالى: ﴿يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي﴾ [الفجر:: ٢٧ ـ ٣٠]. وأما الأمَّارة بالسوء ففي قوله تعالى: ﴿وما أبرىء نفسي إن النفس لأمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربي﴾ [يوسف: ٥٣]. وأما اللوامة ففي قوله تعالى: ﴿لا أقسم بيوم القيامة. ولا أقسم بالنفس اللوامة﴾ [القيامة: ١، ٢]. والإنسان يحس بنفسه بهذه الأنفس؛ يرى في نفسه أحياناً نزعة خير يحب الخير يفعله هذه هي النفس المطمئنة، يرى أحياناً في نفسه نزعة شر يفعله هذه نفس أمارة بالسوء، تأتي بعد ذلك النفس اللوامة التي تلومه على ما فعل فتجده يندم على ما فعل من المعصية، أو لوامة أخرى تلومه على ما فعل من الخير، فإن من الناس من قد يلوم نفسه على فعل الخير وعلى مصاحبة أهل الخير ويقول: كيف أصاحب هؤلاء الذين صدوني عن حياتي.. عن شهواتي.. عن لهوي، وما أشبه ذلك. فاللوامة نفس تلوم الأمارة بالسوء مرة، وتلوم المطمئنة مرة أخرى، فهي في الحقيقة نفس بين نفسين تلوم النفس الأمارة بالسوء إذا فعلت السوء، وتندم الإنسان، وقد تلوم النفس المطمئنة إذا فعلت الخير. ﴿فإن الجنة هي المأوى﴾ الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز


الصفحة التالية
Icon