ويموتون، ثم ينفخ فيه أخرى فيبعثون، وهو أيضاً من حملة العرش، وميكائيل موكل بالقطر وبالمطر والنبات، وملك الموت موكل بالأرواح، ومالك موكل بالنار، ورضوان موكل بالجنة، وعن اليمين وعن الشمال قعيد موكل بالأعمال، كلٌّ يدبر ما أمره الله عز وجل به. فهذه الأوصاف كلها أوصاف للملائكة على حسب أعمالهم، وأقسم الله سبحانه وتعالى بالملائكة لأنهم من خير المخلوقات، ولا يقسم الله سبحانه وتعالى بشيء إلا وله شأن عظيم إما في ذاته، وإما لكونه من آيات الله عز وجل. ثم قال تعالى: ﴿يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة﴾ هذه ﴿يوم ترجف﴾ متعلقة بمحذوف والتقدير أذكر يا محمد وذكّر الناس بهذا اليوم العظيم: ﴿يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة﴾، وهما النفختان في الصور، النفخة الأولى ترجف الناس ويفزعون ثم يموتون عن آخرهم إلا من شاءالله، والنفخة الثانية يبعثون من قبورهم فيقوم الناس من قبورهم مرة واحدة، قال الله تعالى: ﴿فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة﴾ [النازعات:: ١٣، ١٤]. إذا رجفت الراجفة وتبعتها الرافدة انقسم الناس إلى قسمين: ﴿قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة. يقولون إنا لمردودون في الحافرة. أإذا كنا عظاماً نخرة قالوا تلك إذاً كرة خاسرة﴾ وهذه قلوب الكفار ﴿واجفة﴾ أي: خائفة خوفاً شديداً. ﴿أبصارها خاشعة﴾ يعني ذليلة لا تكاد تحدق أو تنظر بقوة ولكنه قد غضت أبصارهم ـ والعياذ بالله ـ لذلهم قال الله تعالى: ﴿وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي﴾[الشورى: ٤٥]. ﴿فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة﴾ زجرة من الله عز وجل يزجرون ويصاح بهم فيقومون من قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها قال الله تبارك وتعالى: ﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون﴾ [يس: ٥٣]. كل الخلق في هذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياء، ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيهم، ولهذا قال: {فإنما هي زجرة واحدة.


الصفحة التالية
Icon