عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى فرعون وهذه هي الرسالة، وبين سبب ذلك وهو طغيان هذا الرجل ـ أعني فرعون ـ وفي سورة طه قال: ﴿اذهبا إلى فرعون إنه طغى﴾ [طه: ٤٣]. ولا منافاة بين الايتين وذلك أن الله تعالى أرسل موسى أولاً ثم طلب موسى صلى الله عليه وآله وسلم من ربه أن يشد أزره بأخيه هارون فأرسل هارون عليه الصلاة والسلام مع موسى فصار موسى وهارون كلاهما مرسل إلى فرعون. وقوله تعالى: ﴿إنه طغى﴾ أي: زاد على حده؛ لأن الطغيان هو الزيادة، ومنه قوله تعالى: ﴿إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية﴾ [الحاقة: ١١]. ومنه الطاغوت: لأن فيه مجاوزة الحد. ﴿فقل هل لك إلى أن تزكى﴾ الاستفهام هنا للتشويق، تشويق فرعون أن يتزكى مما هو عليه من الشر والفساد، وأصل الزكاة النمو والزيادة، وتطلق بمعنى الإسلام والتوحيد، ومنه قوله تعالى: ﴿وويل للمشركين. الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم كافرون﴾ [فصلت: ٦، ٧]. ومنه قوله تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها﴾ [الشمس: ٩ ـ ١٠]. ﴿وأهديك إلى ربك﴾ أي أدلك إلى ربك أي إلى دين الله عز وجل الموصل إلى الله. ﴿فتخشى﴾ أي فتخاف الله عز وجل على علم منك؛ لأن الخشية هي الخوف المقرون بالعلم، فإن لم يكن علم فهو خوف مجرد، وهذا هو الفرق بين الخشية والخوف. الفرق بينهما أن الخشية عن علم قال الله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ [فاطر:: ٢٨]. وأما الخوف فهو خوف مجرد ذعر يحصل للإنسان ولو بلا علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه، قد يرى في الليلة الظلماء شبحاً لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم. أي فذهب موسى عليه الصلاة والسلام وقال لفرعون ما أمره الله به ﴿هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى﴾ ولما كان البشر لا يؤمنون ولا يقبلون دعوى شخص أنه رسول إلا بآية كما هو ظاهر أن الإنسان لا يقبل من أحد دعوى إلا ببينة جعل الله سبحانه وتعالى مع كل رسول


الصفحة التالية
Icon