﴿فإذا جاءت الصاخة﴾ يعني الصيحة العظيمة التي تصخ الاذان، وهذا هو يوم القيامة ﴿يوم يفر المرء من أخيه﴾ من أخيه شقيقه أو لأبيه أو لأمه ﴿وأمه وأبيه﴾ الأم والأب المباشر، والأجداد أيضاً، والجدات يفر من هؤلاء كلهم ﴿وصاحبته﴾ زوجته ﴿وبنيه﴾ وهم أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه. ويفر من هؤلاء كلهم. قال أهل العلم: يفر منهم لئلا يطالبوه بما فرط به في حقهم من أدب وغيره، لأن كل واحد في ذلك اليوم لا يحب أبداً أن يكون له أحد يطالبه بشيء ﴿لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه﴾ كل إنسان مشتغل بنفسه لا ينظر إلى غيره، ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إنكم تحشرون يوم القيامة حفاة، عراة، غرلاً» قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض»؟ قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «الأمر أعظم من أن ينظر بعضهم إلى بعض»، ثم قسّم الله الناس في ذلك اليوم إلى قسمين فقال: ﴿وجوه يومئذ مسفرة﴾ مسفرة من الإسفار وهو الوضوح لأنها وجوه المؤمنين تُسفر عما في قلوبهم من السرور والانشراح ﴿ضاحكة﴾ يعني متبسمة، وهذا من كمال سرورهم ﴿مستبشرة﴾ أي قد بشرت بالخير لأنها تتلقاهم الملائكة بالبشرى يقولون ﴿سلام عليكم﴾ ﴿ووجوه يومئذ﴾ يعني يوم القيامة ﴿عليها غبرة﴾ أي شيء كالغبار؛ لأنها ذميمة قبيحة ﴿ترهقها قترة﴾ أي ظلمة ﴿أولئك هم الكفرة الفجرة﴾ الذين جمعوا بين الكفر والفجور، نسأل الله العافية، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة إنه جواد كريم.


الصفحة التالية
Icon