وفقه الله عز وجل. ﴿في صحف مكرمة. مرفوعة مطهرة﴾ أي أن هذا الذكر الذي تضمنته هذه الايات ﴿في صحف مكرمة. مرفوعة مطهرة﴾ معظمة عند الله، والصحف جمع صحائف، والصحائف جمع صحيفة وهي ما يكتب فيه القول. ﴿بأيدي سفرة﴾ السفرة الملائكة، وسموا سفرة لأنهم كتبة مأخوذة من السَّفَر أو من السَّفْرِ وهو الكتاب كقوله تعالى: ﴿كمثل الحمار يحمل أسفاراً﴾ [الجمعة: ٥]. وقيل: السفرة الوسطاء بين الله وبين خلقه، من السفير وهو الواسطة بين الناس، ومنه حديث أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة قبل أن يحرم قال: «وكنت السفير بينهما» أي الواسطة. المهم أن السفرة هم الملائكة وسموا سفرة لأنهم كتبة يكتبون، وسموا سفرة لأنهم سفراء بين الله وبين الخلق، فجبريل عليه الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين الخلق في النزول بالوحي، والكتبة الذين يكتبون ما يعمل الإنسان أيضاً يكتبونه ويبلغونه إلى الله عز وجل، والله تعالى عالم به حين كتابته وقبل كتابته. ﴿كرام بررة﴾ كرام في أخلاقهم.. كرام في خلقتهم لأنهم على أحسن خلقة، وعلى أحسن خُلق، ولهذا وصف الله الملائكة بأنهم كرام كاتبين يعلمون ما تفعلون، وأنهم عليهم الصلاة والسلام لا يستكبرون عن عبادة الله ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون. وهذه الايات فيها تأديب من الله عز وجل للخلق ألا يكون همهم هًّما شخصيًّا بل يكون همهم هًّما معنويًّا وألا يفضلوا في الدعوة إلى الله شريفاً لشرفه، ولا عظيماً لعظمته، ولا قريباً لقربه، بل يكون الناس عندهم سواء في الدعوة إلى الله الفقير والغني، الكبير والصغير، القريب والبعيد، وفيها أيضاً تلطف الله عز وجل بمخاطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال في أولها: ﴿عبس وتولى. أن جاءه الأعمى﴾ ثلاث جمل لم يخاطب الله فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها عتاب فلو وجهت إلى الرسول بالخطاب لكان فيه ما فيه لكن جاءت بالغيبة ﴿عبس﴾


الصفحة التالية
Icon