تعالى: ﴿فأقبره﴾ قال: أكرمه بدفنه. ﴿ثم إذا شاء أنشره﴾ أي إذا شاء الله عز وجل ﴿أنشره﴾ أي بعثه يوم النشور ليجازيه على عمله. وقوله: ﴿ثم إذا شاء أنشره﴾ يعني أنه لا يعجزه عز وجل أن ينشره لكن لم يأتِ أمر الله بعد ولهذا قال: ﴿كلا لما يقضي ما أمره﴾ ﴿لما﴾ هنا بمعنى (لم) لكنها تفارقها في بعض الأشياء، والمعنى أن الله تعالى لم يقضِ ما أمره، أي ما أمر به كوناً وقدراً، أي أن الأمر لم يتم لنشر أو لانشار هذا الميت بل له موعد منتظر، وفي هذا رد على المكذبين بالبعث الذين يقولون لو كان البعث حقًّا لوجدنا آباءنا الان، وهذا القول منهم تحدي مكذوب؛ لأن الرسل لم تقل لهم إنكم تبعثون الان، ولكنهم قالوا لهم إنكم تبعثون جميعاً بعد أن تموتوا جميعاً. ثم قال عز وجل مذكراً للإنسان بما أنعم الله عليه ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾. أي فلينظر إلى طعامه من أين جاء؟ ومن جاء به؟ وهل أحدٌ خلقه؟ وينبغي للإنسان أن يتذكر عند هذه الاية قول الله تبارك وتعالى: ﴿أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون. لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون. إنا لمغرمون بل نحن محرومون﴾ [الواقعة: ٦٥، ٦٧]. من الذي زرع هذا الزرع حتى استوى ويسر الحصول عليه حتى كان طعاماً لنا؟ هو الله عز وجل، ولهذا قال ﴿لو نشاء لجعلناه حطاماً﴾ أي بعد أن نخرجه نحطمه حتى لا تنتفعوا به. ﴿أنا صببنا الماء صبًّا﴾ يعني من السحاب ﴿ثم شققنا الأرض شقًّا﴾ بعد نزول المطر عليها تتشقق بالنبات. ﴿فأنبتنا فيها﴾ أي في الأرض ﴿حبًّا﴾ كالبر والرز والذرة والشعير وغير ذلك من الحبوب الكثيرة ﴿وعنباً﴾ معروف ﴿وقضباً﴾ قيل: إنه القت المعروف ﴿وزيتوناً﴾ معروف ﴿ونخلاً﴾ معروف ﴿وحدائق غلباً﴾ حدائق جمع حديقة، والغلب كثير الأشجار ﴿وفاكهة﴾ يعني ما يتفكه به الإنسان من أنواع الفواكه ﴿وأبًّا﴾ الأب نبات معروف عند العرب ترعاه الإبل ﴿متاعاً لكم ولأنعامكم﴾ يعني أننا فعلنا ذلك متعة لكم، يقوم بها


الصفحة التالية
Icon