﴿إذا الشمس كورت﴾ هذا يكون يوم القيامة، والتكوير: جمع الشيء بعضه إلى بعض ولفّه كما تكوّر العمامة على الرأس، والشمس كتلة عظيمة كبيرة واسعة في يوم القيامة يكورها الله عز وجل فيلفها جميعاً ويطوي بعضها على بعض فيذهب نورها، ويلقيها في النار عز وجل إغاظة للذين يعبدونها من دون الله، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم﴾ أي تحصبون في جهنم ﴿أنتم لها واردون﴾ [الأنبياء: ٩٨]. ويستثني من ذلك من عُبد من دون الله من أولياء الله فإنه لا يلقى في النار كما قال الله تعالى بعد هذه الاية ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون﴾ [الأنبياء: ١٠١، ١٠٢]. ﴿وإذا النجوم انكدرت﴾ انكدرت يعني تساقطت كما تفسره الاية الثانية. ﴿وإذا الكواكب انتثرت﴾ [الانفطار: ٢]. فالنجوم يوم القيامة تتناثر وتزول عن أماكنها ﴿وإذا الجبال سُيرت﴾ هذه الجبال العظيمة الصلبة العالية الرفيعة تكون هباءً يوم القيامة وتسيّر كما قال الله تعالى: ﴿وسيّرت الجبال فكانت سراباً﴾ [النبأ: ٢٠]. ﴿وإذا العشار عُطلت﴾ العشار جمع عشراء، وهي الناقة الحامل التي تم لحملها عشرة أشهر وهي من أنفس الأموال عند العرب، وتجد صاحبها يرقبها ويلاحظها، ويعتني بها ويأوي إليها ويحف بها في الدنيا، لكن في الاخرة تعطل ولا يلتفت إليها؛ لأن الإنسان في شأن عظيم مزعج ينسيه كل شيء كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه﴾ [عبس: ٣٤ ـ ٣٧]. ﴿وإذا الوحوش حشرت﴾ الوحوش جمع وحش، والمراد بها جميع الدواب، لقول الله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أُمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون﴾ [الأنعام: ٣٨]. تحشر الدواب يوم القيامة ويشاهدها الناس ويُقتص لبعضها من بعض، حتى إنه يقتص للبهيمة الجلحاء التي ليس


الصفحة التالية
Icon