﴿فلا أقسم بالخنس﴾ قوله تعالى: ﴿فلا أقسم﴾ قد يظن بعض الناس أن ﴿لا﴾ نافية وليس كذلك، بل هي مثبتة للقسم ويؤتى بها بمثل هذا التركيب للتأكيد. فالمعنى ﴿أقسم بالخنس﴾ والخنس جمع خانسة، وهي النجوم التي تخنس، أي ترجع فبينما تراها في أعلى الأفق إذا بها راجعة إلى آخر الأفق، وذلك والله أعلم لارتفاعها وبُعدها فيكون ما تحتها من النجوم أسرع منها في الجري بحسب رؤية العين، ﴿الجوار﴾ أصلها (الجواري) بالياء لكن حذفت الياء للتخفيف و﴿الكنس﴾ هي التي تكنس أي تدخل في مغيبها. فأقسم الله بهذه النجوم ثم أقسم بالليل والنهار فقال: ﴿والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس﴾ معنى قوله: ﴿عسعس﴾ يعني أقبل، وقيل: معناه أدبر، وذلك أن الكلمة ﴿عسعس﴾ في اللغة العربية تصلح لهذا وهذا. لكن الذي يظهر أن معناها «أقبل» ليوافق أو ليطابق ما بعده من القسم. وهو قوله: ﴿والصبح إذا تنفس﴾ فيكون الله أقسم بالليل حال إقباله، وبالنهار حال إقباله. وإنما أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات لعظمها وكونها من آياته الكبرى، فمن يستطيع أن يأتي بالنهار إذا كان الليل، ومن يستطيع أن يأتي بالليل إذا كان النهار، قال الله عز وجل: ﴿قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون﴾. [القصص: ٧١]. ﴿ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون﴾ [القصص: ٧٣]. فهذه المخلوقات العظيمة يقسم الله بها لعظم المقسم عليه وهو قوله: ﴿إنه لقول رسول كريم﴾ ﴿إنه﴾ أي القرآن ﴿لقول رسول كريم﴾ هو جبريل عليه الصلاة والسلام، فإنه رسول الله إلى الرسل بالوحي الذي ينزله عليهم. ووصفه الله بالكرم لحسن منظره كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿ذو مرة فاستوى﴾ [النجم: ٦]. ﴿ذو مرة﴾ قال العلماء: المرة: الخلق