﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾ هذا بيان للنهاية والجزاء ﴿إن الأبرار﴾ جمع بر وهم كثيروا فعل الخير، المتباعدون عن الشر ﴿لفي نعيم﴾ أي نعيم في القلب، ونعيم في البدن ولهذا لا تجد أحداً أطيب قلباً، ولا أنعم بالاً من الأبرار أهل البر، حتى قال بعض السلف: «لو يعلم الملوك، وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف»، وهذا النعيم الحاصل يكون في الدنيا وفي الاخرة، أما في الاخرة فالجنة، وأما في الدنيا فنعيم القلب وطمأنينته ورضاه بقضاء الله وقدره، فإن هذا هو النعيم الحقيقي، ليس النعيم في الدنيا أن تترف بدنيًّا، النعيم نعيم القلب ﴿وإن الفجار﴾ الفجار هم الكفار ضد الأبرار ﴿لفي جحيم﴾ أي في نار حامية ﴿يصلونها﴾ يعني يحترقون بها ﴿يوم الدين﴾ أي يوم الجزاء وذلك يوم القيامة ﴿وما هم عنها بغائبين﴾ أي لن يغيبوا عنها فيخرجوا منها كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وما هم بخارجين منها﴾ [المائدة: ٣٧]. لأنهم مخلدون بها أبداً ـ والعياذ بالله ـ ﴿وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين﴾ هذا الاستهفام للتفخيم والتعظيم يعني أي شيء أعلمك بيوم الدين؟ والمعنى أعلم هذا اليوم، وأقدره قدره ﴿يوم لا تملك نفس لنفسٍ شيئاً﴾ في يوم القيامة لا أحد يملك لأحد شيئاً لا بجلب خير ولا بدفع ضرر إلا بإذن الله عز وجل لقوله: ﴿والأمر يومئذ لله﴾ في الدنيا هناك أناس يأمرون من الأمراء، والوزراء، والرؤساء، والاباء، والأمهات، لكن في الاخرة الأمر لله عز وجل، ولا تملك نفس لنفس شيئاً إلا بإذن الله، ولهذا كان الناس في ذلك اليوم يلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون، ثم يطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم الصلاة والسلام حتى تنتهي إلى نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيشفع بإذن الله فيريح الله العالم من الموقف، ﴿والأمر يومئذ لله﴾.
فإن قال قائل: أليس الأمر لله في ذلك اليوم وفي غيره؟