اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} ثم قال تعالى: ﴿ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون﴾ يعني ألا يتيقن هؤلاء ويعلموا علم اليقين؛ لأن الظن هنا بمعنى اليقين، والظن بمعنى اليقين يأتي كثيراً في القرآن مثل قوله تعالى: ﴿الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون﴾ [البقرة:: ٤٦]. فقال: ﴿الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم﴾ وهم يتيقنون أنهم ملاقوا الله، لكن الظن يستعمل بمعنى اليقين كثيراً في اللغة العربية، وهنا يقول عز وجل: ﴿ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون﴾ ألا يتيقن هؤلاء أنهم مبعوثون أي مخرجون من قبورهم لله رب العالمين ﴿ليوم عظيم﴾ هذا اليوم عظيم ولا شك أنه عظيم كما قال تعالى: ﴿إن زلزلة الساعة شيء عظيم﴾ [الحج: ١]. عظيم في طوله، في أهواله، فيما يحدث فيه، في كل معنى تحمله كلمة عظيم، لكن هذا العظيم هو على قوم عسير، وعلى قوم يسير، قال تعالى: ﴿على الكافرين غير يسير﴾ [المدثر: ١٠]. وقال تعالى: ﴿يقول الكافرون هذا يوم عسر﴾ [القمر: ٨]. لكنه بالنسبة للمؤمنين ـ جعلنا الله منهم ـ يسير كأنما يؤدي به صلاة فريضة من سهولته عليه ويسره عليه، لاسيما إذا كان ممن استحق هذه الوقاية العظيمة، وكان من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهذا اليوم عظيم لكنه بالنسبة للناس يكون يسيراً ويكون عسيراً ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ يعني هذا اليوم العظيم هو ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ يقومون من قبورهم حفاة ليس لهم نعال ولا خفاف، عراة ليس عليهم ثياب لا قُمص ولا سراويل ولا أزر ولا أردية، غرلاً أي غير مختونين بمعنى أن القلفة التي تقطع في الختان تعود يوم القيامة مع صاحبها كما قال الله تعالى: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾ [الأنبياء: ١٠٤]. ويعيده الله عز وجل لبيان كمال قدرته تعالى، وأنه يعيد الخلق كما بدأهم، والقلفة إنما قطعت في الدنيا من أجل النزاهة عن الأقذار؛ لأنها إن بقيت فإنه ينحبس فيها شيء من البول وتكون


الصفحة التالية
Icon