يميناً وشمالاً، حتى يخرج من صلاته ولم يعقل منها شيئاً، والناس يصيحون يقولون صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء والمنكر أين وعد الله؟ فيقال: يا أخي هل صلاتك صلاة إذا كنت من حين تكبر تفتح لك باب الهواجيس التي لا نهاية لها، فهل أنت مصل؟ صليت بجسمك لكن لم تصل بقلبك، وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: «إنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها نصفها، ربعها، ثلثها، عشرها، خمسها» حسب ما تعقل منها، إذاً فالقلوب تركب طبقاً عن طبق ثم قال تعالى: ﴿فما لهم لا يؤمنون. وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون﴾ ﴿ما لهم﴾ أي شيء يمنعهم من الإيمان، وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الاخر وأنفقوا مما رزقهم الله، أي شيء يمنعهم من الإيمان، وأي شيء يضرهم إذا آمنوا، قال مؤمن آل فرعون: ﴿أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم فإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم﴾ [غافر: ٢٨]. فأي شيء على الإنسان إذا آمن؟ ولهذا قال موبخاً لهم: ﴿فما لهم لا يؤمنون. وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون﴾ أي لا يخضعون لله عز وجل فالسجود هنا بمعنى الخضوع لله، وإن لم تسجد على الأرض لكن يسجد القلب ويلين ويذل إن كان الأمر كذلك فأنت من المؤمنين ﴿إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً﴾ [الأنفال: ٢]. وإن لم يكن قلبك كذلك ففيك شبهٌ من المشركين الذين إذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون، ومن علامات الخضوع لله عز وجل عند قراءة القرآن أن الإنسان إذا قرأ آية سجدة سجد لله ذلاً له وخضوعاً، وقد استدل بعض العلماء بهذه الاية على وجوب سجود التلاوة. وقال: إن الإنسان إذا مر بآية سجدة ولم يسجد كان آثماً. والصحيح: أنها ليست بواجبة وإن كان هذا القول أعني القول بالوجوب هو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لكن هذا قول مرجوح، وذلك أنه ثبت في الصحيح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه خطب


الصفحة التالية
Icon