وينفذهم البصر، لكن الان لا ينفذهم البصر، لو امتد الناس على الأرض لوجدت البعيدين منخفضين لا تراهم لكن يوم القيامة إذا مُدت صار أقصاهم مثل أدناهم كما جاء في الحديث: «يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والاخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفُذُهُم البصر». ﴿وألقت ما فيها وتخلت﴾ أي جثث بني آدم تلقيها يوم القيامة، تلقي هذه الجثث فيخرجون من قبورهم لله عز وجل، كما بدأهم أول خلق، أي كما خرجوا من بطون أمهاتهم يخرجون من بطون الأرض، وأنت خرجت من بطن أمك حافياً، عارياً، أغرل إلا أن بعض الناس قد يخلق مختوناً لكن عامة الناس يخرجون من بطون أمهاتهم غرلاً كذلك تخرج من بطن الأرض يوم القيامة حافياً ليس عليك نعال، عارياً ليس عليك كساء، أغرل لست مختوناً، ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قالت عائشة: يا رسول الله: الرجال والنساء جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: «يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض»، الأمر شديد، كل إنسان لاهٍ عن نفسه ﴿لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه﴾ [عبس: ٣٧]. والإنسان إذا تصور الناس في ذلك الوقت مجرد تصور فإنه يرتعب ويخاف، وإذا كان عاقلاً مؤمناً عمل لهذا اليوم، ﴿وأذنت لربها وحقت﴾ أذنت يعني استمعت وأطاعت لربها وحقت فبعد أن كانت مدورة فيها المرتفع والنازل صارت كأنها جلد ممتدة امتداداً واحداً. ثم قال عز وجل: ﴿يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً﴾ الكادح: هو الساعي بجد ونوع مشقة وقوله: ﴿إلى ربك﴾ يعني أنك تكدح كدحاً يوصلك إلى ربك، كدحاً يوصل إلى الله، يعني أن منتهى كدحك مهما كنت ينتهي إلى الله، لأننا سنموت وإذا متنا رجعنا إلى الله عز وجل، فمهما عملت فإن المنتهى هو الله عز وجل ﴿وأن إلى ربك المنتهى﴾ [النجم: ٤٢]. ولهذا قال: ﴿كادح إلى ربك كدحاً﴾ حتى العاصي كادح كادحًا غايته الله عز وجل ﴿إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم﴾ [الغاشية: ٢٥، ٢٦]. لكن الفرق بين المطيع