وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم هم بعد ذلك درجات، وهذا يدل على سرور القلب؛ لأن القلب إذا سُر استنار الوجه ﴿وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعو ثبورًا. ويصلى سعيًرا﴾ هؤلاء هم الأشقياء والعياذ بالله، يؤتى كتابه وراء ظهره وليس عن يمينه، وفي الاية الأخرى في سورة الحاقة ﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ [الحاقة: ٢٥]. فقيل: إن من لا يؤتى كتابه بيمينه ينقسم إلى قسمين: منهم من يؤتى كتابه بالشمال، ومنهم من يؤتى كتابه وراء ظهره، والأقرب والله أعلم أنه يؤتى كتابه بالشمال، ولكن تلوى يده حتى تكون من وراء ظهره، إشارة إلى أنه نبذ كتاب الله وراء ظهره، فيكون الأخذ بالشمال ثم تلوى يده إلى الخلف إشارة إلى أنه قد ولى ظهره كتاب الله عز وجل ولم يبال به، ولم يرفع به رأساً، ولم ير بمخالفته بأساً. ﴿فسوف يدعو ثبوراً﴾ أي يدعو على نفسه بالثبور، يقول: واثبوراه يا ويلاه، وما أشبه ذلك من كلمات الندم والحسرة، ولكن هذا لا ينفع في ذلك اليوم؛ لأنه انتهى وقت العمل فوقت العمل، هو في الدنيا، أما في الاخرة فلا عمل وإنما هو الجزاء ﴿ويصلى سعيًرا﴾ أي يصلى النار التي تسعر به ويكون مخلداً فيها أبداً، لأنه كافر ﴿إنه كان في أهله مسروراً﴾ إنه كان في الدينا في أهله مسروراً، ولكن هذا السرور أعقبه الندم والحزن الدائم المستمر، واربط بين قوله تعالى فيمن أوتي كتابه بيمينه ﴿وينقلب إلى أهله مسروراً﴾، وهذا ﴿كان في أهله مسروراً﴾ تجد فرقاً بين السرورين، فسرور الأول سرور دائم ـ نسأل الله أن يجعلنا منهم ـ وسرور الثاني سرور زائل، ذهب ﴿كان في أهله مسروراً﴾ أما الان فلا سرور عنده ﴿إنه ظن أن لن يحور﴾ أي: ألا يرجع بعد الموت، ولهذا كانوا ينكرون البعث ويقولون لا بعث، ويقولون: من يحيي العظام وهي رميم ﴿إنه ظن أن لن يحور﴾ قال تعالى: ﴿بلى﴾ أي سيحور ويرجع ﴿إن ربه كان به بصيراً﴾ يعني أنه