ولهذا قال: ﴿النار ذات الوقود﴾ يعني أن الأخدود هي أخدود النار. ﴿ذات الوقود﴾ أي الحطب الكثير المتأجج. ﴿إذ هم عليها قعود﴾ يعني أن هؤلاء الذين حفروا الأخاديد وألقوا فيها المؤمنين كانوا ـ والعياذ بالله ـ عندهم قوة وجبروت يرون النار تلتهم هؤلاء البشر وهم قعود عليها على الأسرة، فكهون كأن شيئاً لم يكن، وهذا من الجبروت أن يرى الإنسان البشر تلتهمه النار وهو جالس على سريره يتفكه بالحديث ولا يبالي. ﴿وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود﴾ يعني هم شهود على ما يفعلون بالمؤمنين أي حضور لا يغيب عنهم ما فعلوه بالمؤمنين، ولذلك استحقوا هذا الوعيد، بل استحقوا هذه العقوبة أن الله أهلكهم ولعنهم وطردهم وأبعدهم عن رحمته. ﴿وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد﴾ أي ما أنكر هؤلاء الذين سعروا النار بأجساد هؤلاء المؤمنين إلا هذا، أي: إلا أنهم آمنوا بالله عز وجل ﴿إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد﴾ وهذا الإنكار أحق أن ينكر؛ لأن المؤمن بالله العزيز الحميد يجب أن يساعد ويعان، وأن تسهل له الطرق، أما أن يمنع ويردع حتى يصل الحد إلى أن يحرق بالنار فلا شك أن هذا عدوان كبير، وليس هذا بمنكر عليهم، بل هم يحمدون على ذلك؛ لأنهم عبدوا من هو أهل للعبادة، وهو الله جل وعلا، الذي خلق الخلق ليقوموا بعبادته، فمن قام بهذه العبادة فقد عرف الحكمة من الخلق وأعطاها حقها. وقوله: ﴿إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد﴾ العزيز هو الغالب الذي لا يغلبه شيء، فهو سبحانه وتعالى له الغلبة والعزة على كل أحد، ولما قال المنافقون: ﴿لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل﴾ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون﴾ [المنافقون: ٨]. وقوله: ﴿الحميد﴾ بمعنى المحمود فالله سبحانه وتعالى محمود على كل حال وكان من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه إذا جاءه ما يُسر به قاg: «الحمد لله الذي بنعمته تتم