تأمل حالك في الدنيا تجد أنه لا يمر بك وقت ويكون الصفو فيه دائماً بل لابد من كدر، ولا يكون السرور دائماً بل لابد من حزن، ولا تكون راحة دائماً بل لابد من تعب، فالدنيا على اسمها دنيا. ﴿والاخرة خير وأبقى﴾ الاخرة خير من الدنيا وأبقى، خير بما فيها من النعيم والسرور الدائم الذي لا ينغص بكدر ﴿لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين﴾ [الحجر: ٤٨]. كذلك أيضاً هي أبقى من الدنيا؛ لأن بقاء الدنيا كما أسلفنا قليل زائل مضمحل، بخلاف بقاء الاخرة فإنه أبد الابدين. ﴿إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى﴾ ﴿إن هذا﴾ أي ما ذكر من كون الإنسان يؤثر الحياة الدنيا على الاخرة وينسى الاخرة، وكذلك ما تضمنته الايات من المواعظ ﴿في الصحف الأولى﴾ أي السابقة على هذه الأمة ﴿صحف إبراهيم وموسى﴾ وهي صحف جاء بها إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام، وفيها من المواعظ ما تلين به القلوب وتصلح به الأحوال، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن أوتي في الدنيا حسنة، وفي الاخرة حسنة، ووقاه الله عذاب النار، إنه جواد كريم.


الصفحة التالية
Icon