آلياً ما يستطيعون أن يخلقوا ذبابة، هذا الادمي الالي ما هو إلا الالات تتحرك فقط، لكن لا تجوع، ولا تعطش، ولا تحتر، ولا تبرد، ولا تتحرك إلا بتحريك، الذباب لا يمكن أن يخلقه كل من سوى الله، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الخالق وبماذا يخلق؟ بكلمة واحدة ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾ [آل عمران: ٥٩]. ﴿إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾ [يس: ٨٢]. كلمة واحدة، الخلائق كلها تموت وتفنى وتأكلها الأرض، وتأكلها السباع، وتحرقها النيران، وإذا كان يوم القيامة زجرها الله زجرة واحدة أخرجي فتخرج. ﴿فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة﴾ [النازعات: ١٣]. ﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون﴾ [يس: ٥٣]. كل العالم من إنس وجن، ووحوش وحشرات وغيرها كلها يوم القيامة تحشر بكلمة واحدة. إذن فالله عز وجل وحده هو الخالق ولا أحد يخلق معه، والخلق لا يعسره ولا يعجزه وهو سهل عليه ويكون بكلمة واحدة. وقوله ﴿فسوى﴾ يعني سوى ما خلقه على أحسن صورة، وعلى الصورة المتناسبة، الإنسان مثلاً قال الله تعالى في سورة الانفطار: ﴿الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركبك﴾ [الانفطار: ٧، ٨]. ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ [التين: ٤]. لا يوجد في الخلائق شيء أحسن من خلقة الإنسان، رأسه فوق، وقلبه في الصدر، وعلى هيئة تامة، ولهذا أول من يدخل في قوله: ﴿فسوى﴾ هو تسوية الإنسان ﴿الذي خلق فسوى﴾ كل شيء يسوى على الوجه الذي يكون لائقاً به. ﴿والذي قدر فهدى﴾ قدر كل شيء عز وجل كما قال تعالى: ﴿وخلق كل شيء فقدره تقديراً﴾ [الفرقان: ٢]. قدره في حاله، وفي مآله، وفي ذاته، وفي صفاته، كل شيء له قدر محدود، فالاجال محدودة، والأحوال محدودة، والأجسام محدودة، وكل شيء مقدر تقديراً كما قال تعالى: ﴿وخلق كل شيء فقدره تقديراً﴾. وقوله: ﴿فهدى﴾ يشمل الهداية الشرعية، والهداية الكونية، الهداية الكونية: أن الله


الصفحة التالية
Icon