الله من ولي ولا نصير} [البقرة: ١٠٦، ١٠٧]. وربما نُسّي النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية من كتاب الله ولكنه سرعان ما يذكرها عليه الصلاة والسلام، وقوله تعالى: ﴿إنه يعلم الجهر﴾ أي أن الله تعالى يعلم الجهر، والجهر: ما يجهر به الإنسان ويتكلم به مسموعاً. ﴿وما يخفى﴾ أي ما يكون خفيًّا لا يُظهر فإن الله يعلمه كما قال تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه﴾ [ق: ١٦]. فهو يعلم عز وجل الجهر ويعلم أيضاً ما يخفى. ﴿ونيسرك لليسرى﴾ وهذا أيضاً وعد من الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة والسلام أن ييسره لليسرى، واليسرى أن تكون أموره ميسرة، ولاسيما في طاعة الله عز وجل، ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه ما من أحد من الناس إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، كل بني آدم مكتوب مقعده من الجنة إن كان من أهل الجنة، ومقعده من النار إن كان من أهل النار، قالوا: (يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل ـ يعني على ما كتب ـ قال: «لا. اعملوا فكلٌّ ميسر لما خلق له» فأهل السعادة ييسرون لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة ييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسرة لليسرى﴾ وهذا الحديث يقطع حُجة من يحتج بالقدر على معاصي الله فيعصي الله ويقول: هذا مكتوب علي. وهذا ليس بحجة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «اعملوا فكلٌّ ميسر لما خلق له» هل أحد يحجزك عن العمل الصالح لو أردته؟ أبداً. هل أحد يجبرك على المعصية لو لم تردها؟ أبداً لا أحد، ولهذا لو أن أحداً أجبرك على المعصية وأكرهك عليها لم يكن عليك إثم، ولا يترتب على فعلك لها ما يترتب على فعل المختار لها، حتى إن الكفر وهو أعظم الذنوب، قال الله تعالى فيه: ﴿من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم﴾ [النحل: ١٠٦]. إذن نقول اعمل أيها الإنسان،