للسيئات حتى نلقى الله عز وجل ونحن على ما يرضيه سبحانه وتعالى. ﴿ثم إن علينا حسابهم﴾ نحاسبهم، قال العلماء: وكيفية الحساب ليس مناقشة يناقش الإنسان، لأنه لو يناقش هلك، لو يناقشك الله عز وجل على كل حساب هلكت، لو ناقشك في نعمة من النعم كالبصر لا يمكن أن تجد أي شيء تعمله يقابل نعمة البصر، نعمة النفس، الذي يخرج ويدخل بدون أي مشقة، وبدون أي عناء، الإنسان يتكلم وينام، يأكل ويشرب، ومع ذلك لا يحس بالنفس، ولا يعرف قدر النفس إلا إذا أصيب بما يمنع النفس، حينئذ يذكر نعمة الله، لكن مادام في عافية يقول هذا شيء طبيعي، لكن لو أنه أصيب بكتم النفس لعرف قدر النعمة، فلو نوقش لهلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة: «من نوقش الحساب هلك» أو قال «عذب»، لكن كيفية الحساب: أما المؤمن فإن الله تعالى يخلو به بنفسه ليس عندهما أحد ويقرره بذنوبه فعلت كذا فعلت كذا، فعلت كذا حتى إذا أقر بها قال الله تعالى: «قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»، أما الكفار فلا يحاسبون هذا الحساب لأنه ليس لهم حسنات تمحو سيئاتهم لكنها تحصى عليهم أعمالهم، ويقررون بها أمام العالم، ويحصون بها، وينادى على رؤوس الأشهاد ﴿هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين﴾ [هود: ١٨]. ـ نعوذ بالله من الخذلان ـ وبهذا ينتهي الكلام على هذه السورة العظيمة وهي إحدى السورتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقرأ بهما في المجامع الكبيرة، فقد كان يقرأ في صلاتي العيدين ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ و﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾ وكذلك في صلاة الجمعة، ويقرأ أحياناً في العيدين ﴿ق. والقرآن المجيد﴾ و﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾، وفي الجمعة سورة الجمعة والمنافقين، ينوع مرة هذا، ومرة هذا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن تكون وجوههم ناعمة لسعيها راضية، وأن يتولانا بعنايته في الدنيا والاخرة، إنه على كل شيء قدير.