قوله تعالى: ﴿ وإياي فاتقون ﴾ أي لا تتقوا إلا إياي؛ و "التقوى" اتخاذ وقاية من عذاب الله عزّ وجلّ بفعل أوامره، واجتناب نواهيه؛ ففي الآية الأولى: ﴿ وإياي فارهبون ﴾ أمر بالتزام الشريعة، وألا يخالفوها عصياناً؛ وفي هذه الآية: ﴿ وإياي فاتقون ﴾ أمر بالتزام الشريعة، وألا يخالفوها لا في الأمر، ولا في النهي..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: أنه يجب على بني إسرائيل أن يؤمنوا بالقرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: ( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم )
. ٢ ومنها: أن الكافر مخاطب بالإسلام؛ وهذا مجمع عليه، لكن هل يخاطب بفروع الإسلام؟
الجواب: فيه تفصيل؛ إن أردت بالمخاطبة أنه مأمور أن يفعلها فلا؛ لأنه لا بد أن يُسلم أولاً، ثم يفعلها ثانياً؛ ولهذا قال النبي ﷺ لمعاذ بن جبل: "فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ فإن هم أطاعوا لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة"(١)..
إذاً هم لا يخاطبون بالفعل. يعني لا يقال: افعلوا. ؛ فلا نقول للكافر: تعال صلِّ؛ بل نأمره أولاً بالإسلام؛ وإن أردت بالمخاطبة أنهم يعاقبون عليها إذا ماتوا على الكفر فهذا صحيح؛ ولهذا يقال للمجرمين: ﴿ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين﴾ [المدثر: ٧٢. ٤٧] يعني هذا دأبهم حتى ماتوا؛ ووجه الدلالة من الآية أنه لولا أنهم كانوا مخاطبين بالفروع لكان قولهم: ﴿لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين﴾ [المدثر: ٤٣. ٤٤] عبثاً لا فائدة منه، ولا تأثير له..


الصفحة التالية
Icon