قوله تعالى ﴿ فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون ﴾: وذلك أن موسى، وقومه لما تكاملوا خارجين من هذا الذي فلقه الله عزّ وجلّ من البحر دخل فرعون، وقومه؛ فلما تكاملوا داخلين أمر الله تعالى البحر، فانطبق عليهم، فغرقوا جميعاً..
قوله تعالى: ﴿ وأنتم تنظرون ﴾: الجملة هذه حالية. أي أن هذا وقع والحال أنكم تنظرون؛ ولهذا قال الله. تبارك وتعالى. لفرعون: ﴿فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية﴾ [يونس: ٩٢] ينظرون إليك أنك قد هلكت..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: مناسبة قوله تعالى: ﴿ وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ﴾ لما قبله ظاهرة جداً، وذلك أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى تسلُّطَ آل فرعون عليهم ذكر مآل هؤلاء المتسلطين؛ وأن الله أغرقهم، وأنجى هؤلاء، وأورثهم أرضهم، كما قال الله تعالى: ﴿وأورثناها بني إسرائيل﴾ (الشعراء: ٥٩).
. ٢ ومنها: تذكير الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بنعمه؛ وقد تضمن هذا التذكير حصول المطلوب، وزوال المكروه؛ حصول المطلوب: بنجاتهم؛ وزوال المكروه: بإهلاك عدوهم..
. ٣ ومنها: بيان قدرة الله تعالى على كل شيء؛ فهذا الماء السيال أمره الله. تبارك وتعالى. أن يتمايز، وينفصل بعضه عن بعض؛ فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم. أي كالجبل العظيم؛ وثم وجه آخر من هذه القدرة: أن هذه الطرق صارت يبساً في الحال مع أنه قد مضى عليها سنون كثيرة لا يعلمها إلا الله عزّ وجلّ والماء من فوقها، ولكنها صارت في لحظة واحدة يبساً، كما قال تعالى: ﴿ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى﴾ [طه: ٧٧] ؛ وقد ذكر بعض المفسرين أنه كانت في هذه الفرق فتحات ينظر بعضهم إلى بعض. حتى لا ينْزعجوا، ويقولوا: أين أصحابنا؟! وهذا ليس ببعيد على الله سبحانه وتعالى..