قوله تعالى: ﴿ لعلكم تشكرون ﴾، "لعل" هنا للتعليل؛ و﴿ تشكرون ﴾ أي تشكرون الله على نعمه؛ والشكر يكون بالقلب: وهو إيمان القلب بأن النعمة من الله عزّ وجلّ، وأن له المنة في ذلك؛ ويكون باللسان: وهو التحدث بنعمة الله اعترافاً. لا افتخاراً؛ ويكون بالجوارح: وهو القيام بطاعة المنعِم؛ وفي ذلك يقول الشاعر:.
أفادتكم النعماء مني ثلاثةً يدي ولساني والضمير المحجبا
الفوائد:
. ١ من فوائد الآيتين: حكمة الله. تبارك وتعالى. في تقديره، حيث واعد موسى أربعين ليلة لينَزِّل عليه فيها التوراة. مع أنه سبحانه وتعالى قادر على أن يَنزِّلها في ليلة مرة واحدة؛ ولكن لحكمة. لا نعلم ما هي. وعده الله تعالى ثلاثين ليلة أولاً، ثم أتمها بعشر؛ فتم ميقات ربه أربعين ليلة..
. ٢ ومنها: بيان جهل بني إسرائيل الجهل التام؛ وجه ذلك أن هذا الحلي الذي جعلوه إلهاً هم الذين صنعوه بأنفسهم؛ فقد استعاروا حلياً من آل فرعون، وصنعوه على صورة الثور عجلاً جسداً. لا روح فيه؛ ثم قال السامري: ﴿هذا إلهكم وإله موسى فنسي﴾ [طه: ٨٨] ؛ وزعموا أن موسى ضلّ، ولم يهتد إلى ربه، وهذا ربه! والعياذ بالله؛ فكيف يكون المصنوع رباً لكم، ولموسى وأنتم الذين صنعتموه! وهذا دليل على جهلهم، وغباوتهم إلى أبعد الحدود؛ وقد قالوا لموسى. عليه الصلاة والسلام. حينما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم: ﴿اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة﴾ [الأعراف: ١٣٨] قال لهم نبيهم موسى: ﴿إنكم قوم تجهلون﴾ [الأعراف: ١٣٨]، وصدق عليه الصلاة والسلام..
. ٣ ومن فوائد الآيتين: أن اتخاذهم العجل كان عن ظلم؛ لقوله تعالى: ﴿ وأنتم ظالمون ﴾. وهذا أبلغ، وأشنع في توبيخهم، والإنكار عليهم..
. ٤ ومنها: سعة حلم الله عزّ وجلّ، وأنه مهما بارز الإنسان ربه بالذنوب فإن حلم الله تعالى قد يشمله، فيوفق للتوبة؛ وهؤلاء وفِّقوا لها..