٣. ومنها: أن من سأل ما لا يمكن فهو حري بالعقوبة؛ لقوله تعالى: ﴿ فأخذتكم الصاعقة ﴾؛ لأن الفاء تدل على السببية. ولا سيما في مثل حال هؤلاء الذين قالوا هذا عن تشكك؛ وفرْق بين قول موسى عليه السلام: ﴿رب أرني أنظر إليك﴾ [الأعراف: ١٤٣]، وبين قول هؤلاء: ﴿ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ﴾؛ فموسى قال ذلك شوقاً إلى الله عزّ وجلّ، وليتلذذ بالرؤية إليه؛ أما هؤلاء فقالوه تشككاً. يعني: لسنا بمؤمنين إلا إذا رأيناه جهرة؛ ففرق بين الطلبين.
٤. ومن فوائد الآيتين: أن ألم العقوبة، ووقعها إذا كان الإنسان ينظر إليها أشد؛ لقوله تعالى: ﴿ وأنتم تنظرون ﴾؛ فإن الإنسان إذا رأى الناس يتساقطون في العقوبة يكون ذلك أشد وقعاً عليه.
٥. ومنها: بيان قدرة الله سبحانه وتعالى، حيث أحياهم بعد الموت؛ لقوله تعالى: ثم بعثناكم من بعد موتكم }.
٦. ومنها: وجوب الشكر على من أنعم الله عليه بنعمة؛ لقوله تعالى: ﴿ لعلكم تشكرون ﴾؛ والشكر هو القيام بطاعة المنعم إقراراً بالقلب، واعترافاً باللسان، وعملاً بالأركان؛ فيعترف بقلبه أنها من الله، ولا يقول: إنما أوتيته على علم عندي؛ كذلك أيضاً يتحدث بها بلسانه اعترافاً. لا افتخاراً؛ وكذلك أيضاً يقوم بطاعة الله سبحانه وتعالى بجوارحه؛ وبهذه الأركان الثلاثة يكون الشكر؛ وعليه قول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثةً يدي ولساني والضمير المحجبا ٧. ومن فوائد الآيتين: إثبات الحكمة لله تعالى: لقوله: ﴿ لعلكم تشكرون ﴾؛ فإن "لعل" هنا للتعليل المفيد للحكمة..
القرآن
)وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (البقرة: ٥٧)
التفسير: