قوله تعالى: ﴿ نغفر لكم ﴾ بنون مفتوحة، وفاء مكسورة؛ وفي قراءة: ﴿ تُغفَر لكم ﴾ بتاء مضمومة، وفاء مفتوحة؛ وفي قراءة ثالثة: ﴿ يُغفَر ﴾ بياء مضمومة وفاء مفتوحة؛ وكلها قراءات صحيحة؛ بأيها قرأت أجزأك..
وقوله تعالى: ﴿ نغفر لكم خطاياكم ﴾: "المغفرة" هي ستر الذنب، والتجاوز عنه؛ ومعناه أن الله ستر ذنبك، ويتجاوز عنك، فلا يعاقبك؛ لأن "المغفرة" مأخوذة من المغفر. وهو ما يوقى به الرأس في الحرب؛ لأنه يستر، ويقي؛ ومن فسر "المغفرة" بمجرد الستر فقد قصَّر؛ لأن الله تعالى إذا خلا بعبده المؤمن يوم القيامة، وقرره بذنوبه قال: "قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم"(١) أي اليوم أسترها أيضاً، ثم أتجاوز عنها؛ و﴿ خطاياكم ﴾ جمع خَطِيَّة، كـ"مطايا" جمع مطية؛ و "الخطية" ما يرتكبه الإنسان من المعاصي عن عمد؛ وأما ما يرتكبه عن غير عمد فيسمى "أخطاء"؛ ولهذا يفرق بين "مخطئ"، و"خاطئ"؛ الخاطئ ملوم؛ والمخطئ معذور، كما قال الله تعالى: ﴿ لنسفعاً بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة ﴾ [العلق: ١٥، ١٦]، وقال تعالى: ﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ (البقرة: ٢٨٦)
قوله تعالى: ﴿ وسنزيد ﴾ أي سنعطي زيادة على مغفرة الذنوب ﴿ المحسنين ﴾ أي الذين يقومون بالإحسان، و "الإحسان" نوعان:.
الأول: إحسان في عبادة الله؛ وقد فسره رسول الله ﷺ بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك(٢)"..
والنوع الثاني: إحسان في معاملة الخلق وهو بذل المعروف، وكفُّ الأذى..
.﴿ ٥٩ ﴾ قوله تعالى: ﴿ فبدل الذين ظلموا ﴾ أي فاختار الذين ظلموا منهم على وجه التبديل، والمخالفة ﴿ قولاً غير الذي قيل لهم ﴾: وذلك أنهم قالوا: "حنطة في شعيرة" بدلاً عن قولهم: "حطة"..
وفي قوله تعالى: ﴿ فبدَّل الذين ظلموا ﴾ إظهار في موضع الإضمار؛ ومقتضى السياق أن يكون بلفظ: فبدلوا قولاً.. إلخ، وللإظهار في موضع الإضمار فوائد من أهمها:.


الصفحة التالية
Icon