فالجواب: أن المن في الغالب يستعمل في الشرب؛ فهو ينبذ في الماء، ويشرب؛ أو يقال: المراد بالطعام هنا الجنس؛ يعني: لا نصبر على هذا الجنس فقط. ليس عندنا إلا منّ وسلوى..
قوله تعالى: ﴿ فادع لنا ربك ﴾: هذا توسل منهم بموسى ليدعو الله عزّ وجلّ لهم؛ وكلمة: ﴿ فادع لنا ربك ﴾ تدل على جفاء عظيم منهم؛ فهم لم يقولوا: "ادع لنا ربنا"، أو "ادع الله"؛ بل قالوا: "ادع لنا ربك"، كأنهم بريئون منه. والعياذ بالله؛ وهذا من سفههم، وغطرستهم، وكبريائهم..
قوله تعالى: ﴿ يخرج لنا ﴾؛ ﴿ يخرج ﴾ فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الطلب: "ادع" ؛ أو جواب لشرط محذوف؛ والتقدير: إن تدعه يخرج لنا..
قوله تعالى: ﴿ مما تنبت الأرض ﴾ أي مما تخرجه..
قوله تعالى: ﴿ من بقلها ﴾؛ ﴿ من ﴾ بيانية؛ بينت الاسم الموصول: ﴿ ما ﴾؛ لأن الاسم الموصول مبهم يحتاج إلى بيان؛ و﴿ بقلها ﴾: هو النبات الذي ليس له ساق، مثل الكراث؛ ﴿ وقثائها ﴾: هي صغار البطيخ؛ ﴿ وفومها ﴾ هو الثُّوم؛ يقال: "ثوم" بالمثلثة؛ ويقال: "فوم" بالفاء الموحدة، ﴿ وعدسها ﴾؛ "العدس" معروف؛ ﴿ وبصلها ﴾: أيضاً معروف..
وكل هذه بالنسبة للمن، والسلوى ليست بشيء؛ ولهذا أنكر عليهم موسى صلى الله عليه وسلم، فقال: ﴿ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ﴾، أي أتأخذون الذي هو أدنى بدلاً عن الذي هو خير..