والفرق بين "المعصية"، و "العدوان" إذا ذكرا جميعاً: أن "المعصية" فعل ما نهي عنه؛ و "الاعتداء" تجاوز ما أُمِر به، مثل أن يصلي الإنسان الظهر مثلاً خمس ركعات؛ وقيل: إن "المعصية" ترك المأمور؛ و "العدوان" فعل المحظور..
وسواء أكان هذا أم هذا فالمهم أن هؤلاء اعتدوا، وعصوا؛ فلم يقوموا بالواجب، ولا تركوا المحرم؛ ولذلك تدرجت بهم الأمور حتى كفروا بآيات الله، وقتلوا أنبياءه؛ وفي ذلك دليل لما ذهب إليه بعض أهل العلم أن المعاصي بريد الكفر؛ فالإنسان إذا فعل معصية استهان بها، ثم يستهين بالثانية، والثالثة... وهكذا حتى يصل إلى الكفر؛ فإذا تراكمت الذنوب على القلوب حالت بينها، وبين الهدى، والنور، كما قال تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ (المطففين: ١٤])
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: لؤم بني إسرائيل، وسفههم؛ حيث إنهم طلبوا أن يغير لهم الله هذا الرزق الذي لا يوجد له نظير بقولهم: ( لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يُخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثَّائها وفومها وعدسها وبصلها )
. ٢ ومنها: غطرسة بني إسرائيل، وجفاؤهم؛ لقولهم: ﴿ ادع لنا ربك ﴾؛ ولم يقولوا: "ادع لن ربنا"، أو: "ادع لنا الله"؛ كأن عندهم. والعياذ بالله. أنفة؛ مع أنهم كانوا مؤمنين بموسى ومع ذلك يقولون: ﴿ ادع لنا ربك ﴾. كما قالوا: ﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾ [المائدة: ٢٤]..
. ٣ ومنها: أن من اختار الأدنى على الأعلى ففيه شبه من اليهود؛ ومن ذلك هؤلاء الذين يختارون الشيء المحرم على الشيء الحلال..
. ٤ ومنها: أن من علوّ همة المرء أن ينظر للأكمل، والأفضل في كل الأمور..