قوله تعالى ﴿ في السبت ﴾ أي في الحكم الذي حكم الله به عليهم يوم السبت؛ وذلك أن الله حرم عليهم العمل والصيد في ذلك اليوم ليتفرغوا للعبادة؛ فابتلاهم بكثرة الحيتان يوم السبت حتى تكون فوق الماء شُرَّعاً، ثم لا يرونها بعد ذلك؛ فتحيلوا على صيدها بحيلة، حيث وضعوا شباكاً يوم الجمعة، فتدخل فيه الحيتان إذا جاءت يوم السبت، ثم يأخذونها يوم الأحد، ويقولون: نحن لم نصدها يوم السبت، فقال لهم الله تعالى: ﴿ كونوا قردة خاسئين ﴾ أي ذليلين، فصاروا كذلك..
.﴿ ٦٦ ﴾ قوله تعالى: ﴿ فجعلناها ﴾ أي صيرناها؛ واختلف المفسرون في مرجع الضمير المفعول به؛ فقيل: يعود على القرية؛ لقوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت﴾ ؛ فيكون مرجع الضمير مفهوماً من السياق؛ وقيل: يعود على العقوبة. أي فجعلنا العقوبة؛ لقوله تعالى: ﴿ فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين * فجعلناها نكالًا ﴾؛ فيكون المعنى: فجعلنا هذه العقوبة نكالاً..
قوله تعالى: ﴿ نكالًا ﴾: النكال، والتنكيل أن يعاقب الإنسان بعقوبة تمنعه من الرجوع إلى ما عوقب عليه..
قوله تعالى: ﴿ لما بين يديها وما خلفها ﴾: اختلف في مرجع الضمير "ها" ؛ فقيل: يرجع إلى القرية؛ فيكون: ﴿ لما بين يديها ﴾: ما قرب منها من القرى من أمامها؛ و﴿ ما خلفها ﴾: ما كان من القرى من خلفها؛ لأن أهل القرى علموا بما نزل بها من العقوبة، فكان ذلك نكالاً لهم؛ وقيل: إن المراد بـ "ما بين يديها" : ما يأتي بعدها: "وما خلفها": ما سبقها؛ ولكن في هذا إشكالاً؛ لأن من سبقها قد مضى، فلا يكون منتفعاً، ولا ناكلاً إلَّا أن يراد بـ"ما بين يديها" من عاصرها، و "ما خلفها" : من يأتي بعدهم، ويكون "الخَلْف" هنا بمعنى الأمام، كما جاء "الوراء" بمعنى الأمام في قوله تعالى: ﴿وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً﴾ [الكهف: ٧٩]..
قوله تعالى: ﴿ وموعظة للمتقين ﴾ أي موضع اتعاظ للذين يتقون الله..