. ٣ ومنها: أن هؤلاء المنافقين ليس في قلوبهم نور؛ لقوله تعالى: ﴿ كمثل الذي استوقد ناراً ﴾؛ فهؤلاء المنافقون يستطعمون الهدى، والعلم، والنور؛ فإذا وصل إلى قلوبهم. بمجرد ما يصل إليها. يتضاءل، ويزول؛ لأن هؤلاء المنافقين إخوان للمؤمنين من حيث النسب، وأعمام، وأخوال، وأقارب؛ فربما يجلس إلى المؤمن حقاً، فيتكلم له بإيمان حقيقي، ويدعوه، فينقدح في قلبه هذا الإيمان، ولكن سرعان ما يزول..
. ٤ ومن فوائد الآيتين: أن الإيمان نور له تأثير حتى في قلب المنافق؛ لقوله تعالى: ﴿فلما أضاءت ما حوله﴾: الإيمان أضاء بعض الشيء في قلوبهم؛ ولكن لما لم يكن على أسس لم يستقر؛ ولهذا قال تعالى في سورة المنافقين. وهي أوسع ما تحدَّث الله به عن المنافقين: ﴿ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم﴾ [المنافقون: ٣]..
. ٥ ومنها: أنه بعد أن ذهب هذا الضياء حلت الظلمة الشديدة؛ بل الظلمات..
. ٦ ومنها: أن الله تعالى جازاهم على حسب ما في قلوبهم: ﴿ ذهب الله بنورهم ﴾، كأنه أخذه قهراً..
فإن قال قائل: أليس في هذا دليل على مذهب الجبرية؟
فالجواب: لا؛ لأن هذا الذي حصل من رب العباد عزّ وجلّ بسببهم؛ وتذكَّر دائماً قول الله تعالى: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ [الصف: ٥]. حتى يتبين لك أن كل من وصفه الله بأنه أضله فإنما ذلك بسبب منه
. ٧ ومن فوائد الآيتين: تخلي الله عن المنافقين؛ لقوله تعالى: [ وتركهم]
ويتفرع على ذلك: أن من تخلى الله عنه فهو هالك. ليس عنده نور، ولا هدًى، ولا صلاح؛ لقوله تعالى: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون )
. ٨ ومن فوائد الآيتين: أن هؤلاء المنافقين أصم الله تعالى آذانهم، فلا يسمعون الحق؛ ولو سمعوا ما انتفعوا؛ ويجوز أن يُنفى الشيء لانتفاء الانتفاع به، كما في قوله تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون﴾ (الأنفال: ٢١)
. ٩ ومنها: أن هؤلاء المنافقين لا ينطقون بالحق. كالأبكم..


الصفحة التالية
Icon