قوله تعالى: ﴿ من الصواعق ﴾؛ ﴿ من ﴾ سببية. أي يجعلونها بسبب الصواعق؛ و﴿ الصواعق ﴾ جمع صاعقة؛ وهي ما تَصعَق. أي تُهلك. مَنْ أصابته؛ هذه الصواعق معروفة بآثارها؛ فهي نار تنطلق من البرق؛ فإذا أصابت أحداً، أو شيئاً أحرقته؛ وغالباً تسقط على النخيل، وتحرقها؛ وترى فيها النار، والدخان؛ وأحياناً تسقط على المنازل وتهدمها؛ لأنها كتلة نارية تنطلق بشدة لها هواء تدفعه أمامها..
فيجعلون أصابعهم في آذانهم من هذه الصواعق لئلا يموتوا؛ ولكنهم لا ينجون منها بهذا الفعل؛ إلا أنهم كالنعامة إذا رأت الصياد أدخلت رأسها في الرمل لئلا تراه؛ وتظن أنها إذا لم تره تنجو منه! وكذلك الذين يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق لا يسلمون بهذا؛ إذا أراد الله تعالى أن يصيبهم أصابهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ والله محيط بالكافرين ﴾، فلن ينفعهم الحذر..
.﴿ ٢٠ ﴾ ولما بَيَّن الله شدة الصوت، وأنهم لفرارهم منه، وعدم تحملهم إياه يجعلون أصابعهم في آذانهم بَيَّن شدة الضوء عليهم، فقال تعالى: ﴿ يكاد البرق يخطف أبصارهم ﴾ أي يقرب أن يخطف أبصارهم. أي يأخذها بسرعة، فتعمى؛ وذلك لقوته، وضعف أبصارهم..
قوله تعالى: ﴿ كلما أضاء لهم مشوا فيه ﴾؛ فكأنهم ينتهزون فرصة الإضاءة، ولا يتأخرون عن الإضاءة طرفة عين؛ كلما أضاء لهم. ولو شيئاً يسيراً. مشوا فيه..
قوله تعالى: ﴿ وإذا أظلم عليهم ﴾ أي أصابهم بظلمة؛ وذلك أن الضوء إذا انطفأ بسرعة اشتدت الظلمة بعده؛ ﴿ قاموا ﴾ أي وقفوا..
قوله تعالى: ﴿ ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ﴾ دون أن تحدث الصواعق، ودون أن يحدث البرق؛ لأن الله على كل شيء قدير؛ فهو قادر على أن يُذهب السمع والبصر بدون أسباب: فيذهب السمع بدون صواعق، والبصر بدون برق؛ ﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾..


الصفحة التالية
Icon