.﴿ ٢١ ﴾ يا أيها الناس }: النداء هنا وجِّه لعموم الناس مع أن السورة مدنية؛ والغالب في السور المدنية أن النداء فيها يكون موجهاً للمؤمنين. والله أعلم بما أراد في كتابه؛ ولو قال قائل: لعل هذه آية مكية جعلت في السورة المدنية؟
فالجواب: أن الأصل عدم ذلك - أي عدم إدخال الآية المكية في السور المدنية، أو العكس؛ ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح؛ وعلى هذا فما نراه في عناوين بعض السور أنها مدنية إلا آية كذا، أو مكية إلا آية كذا غير مسلَّم حتى يثبت ذلك بدليل صحيح صريح؛ وإلا فالأصل أن السورة المدنية جميع آياتها مدنية، وأن السور المكية جميع آياتها مكية إلا بدليل ثابت..
قوله تعالى: ﴿ اعبدوا ربكم ﴾ أي تذللوا له بالطاعة؛ وذلك بفعل الأوامر، واجتناب النواهي ذلاً تاماً ناشئاً عن المحبة، والتعظيم؛ و "الرب" هو الخالق المالك المدبر لشؤون خلقه؛ ﴿ الذي خلقكم ﴾ أي أوجدكم من العدم؛ ﴿ والذين من قبلكم ﴾ معطوف على الكاف في قوله تعالى: ﴿ خلقكم ﴾. يعني وخلق الذين من قبلكم؛ والمراد بـ "من قبلنا" : سائر الأمم الماضية..
وقوله تعالى: ﴿ الذي خلقكم ﴾ صفة كاشفة تبين بعض معنى الربوبية؛ وليست صفة احترازية؛ لأنه ليس لنا ربان أحدهما خالق، والثاني غير خالق؛ بل ربنا هو الخالق..
قوله تعالى: ﴿ لعلكم تتقون ﴾؛ "لعل" هنا للتعليل. أي لتصلوا إلى التقوى؛ ومعلوم أن التقوى مرتبة عالية، حتى قال الله عزّ وجلّ في الجنة: ﴿أعدت للمتقين﴾ [آل عمران: ١٣٣]، وقال تعالى: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ [النحل: ١٢٨]، وقال تعالى: ﴿واعلموا أن الله مع المتقين﴾ [البقرة: ١٩٤]..
الفوائد:


الصفحة التالية
Icon