قوله تعالى: ﴿ مما نزَّلنا ﴾: المراد به القرآن؛ لأن الله أنزله على محمد ﷺ ﴿ على عبدنا ﴾: هو محمد رسول الله ﷺ والله. تبارك وتعالى. وصف رسوله ﷺ بالعبودية في المقامات العالية: في الدفاع عنه؛ وفي بيان تكريمه بالمعراج، والإسراء؛ وفي بيان تكريمه بإنزال القرآن، كما قال تعالى: ﴿تبارك الذي نزل الفرقان على عبده﴾ [الفرقان: ١]، وقال تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً﴾ [الإسراء: ١]، وقال تعالى: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ [النجم: ١٠]، وقال تعالى: ﴿ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ﴾: هذا في مقام التحدي، والمدافعة؛ وأفضل أوصاف الرسول ﷺ هي العبودية، والرسالة؛ ولهذا قال ﷺ "إنما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله، ورسوله"(١) ؛ و "العبودية" : هي التذلل للمحبوب، والمعظم؛ ولهذا قال الشاعر في محبوبته:.
لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي يعني: لا تقل: فلان، وفلان؛ بل قل: يا عبد فلانة؛ لأن هذا عنده أشرف أوصافه، حيث انتمى إليها. نعوذ بالله من الخذلان..
قوله تعالى: ﴿ فأتوا بسورة ﴾: أمر يقصد به التحدي. يعني: إذا كنتم في شك من هذا القرآن فإننا نتحداكم أن تأتوا بسورة واحدة؛ ﴿ من مثله ﴾: يحتمل أن يكون الضمير عائداً إلى الرسول ﷺ ؛ والمعنى: من مثل محمد ﷺ ويحتمل أن يكون عائداً إلى القرآن المنزل؛ والمعنى: من مثل ما نزلنا على عبدنا. أي من جنسه؛ وكلاهما صحيح..
قوله تعالى: ﴿ وادعوا شهداءكم ﴾ أي الذين تشهدون لهم بالألوهية، وتعبدونهم كما تعبدون الله، ادعوهم ليساعدوكم في الإتيان بمثله؛ وهذا غاية ما يكون من التحدي: أن يتحدى العابدَ والمعبودَ أن يأتوا بسورة مثله.


الصفحة التالية
Icon