والخطاب في قوله تعالى: ﴿ بشِّر ﴾ إما للرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو لكل من يتوجه إليه الخطاب. يعني بشِّر أيها النبي؛ أو بشِّر أيها المخاطَب من اتصفوا بهذه الصفات بأن لهم جنات..
قوله تعالى: ﴿ الذين آمنوا ﴾ أي بما يجب الإيمان به مما أخبر الله به، ورسوله؛ وقد بيَّن الرسول ﷺ أصول الإيمان بأنها الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره؛ لكن ليس الإيمان بهذه الأشياء مجرد التصديق بها؛ بل لا بد من قبول، وإذعان؛ وإلا لما صح الإيمان..
قوله تعالى: ﴿ وعملوا الصالحات ﴾ أي عملوا الأعمال الصالحات. وهي الصادرة عن محبة، وتعظيم لله عزّ وجلّ المتضمنة للإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله؛ فما لا إخلاص فيه فهو فاسد؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه"(١) ؛ وما لم يكن على الاتِّباع فهو مردود لا يقبل؛ لقول النبي ﷺ (: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد(٢)"..
قوله تعالى: ﴿ أن لهم جنات ﴾: هذا المبشر به: أن لهم عند الله عزّ وجلّ ﴿ جنات... ﴾: جمع "جنَّة"؛ وهي في اللغة: البستان كثير الأشجار بحيث تغطي الأشجار أرضه، فتجتن بها؛ والمراد بها شرعاً: الدار التي أعدها الله للمتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر..
قوله تعالى: ﴿ تجري من تحتها الأنهار ﴾ أي تسيح من تحتها الأنهار؛ و﴿ الأنهار ﴾ فاعل ﴿ تجري ﴾؛ و﴿ من تحتها ﴾ قال العلماء: من تحت أشجارها، وقصورها؛ وليس من تحت سطحها؛ لأن جريانها من تحت سطحها لا فائدة منه؛ وما أحسن جري هذه الأنهار إذا كانت من تحت الأشجار، والقصور! يجد الإنسان فيها لذة في المنظر قبل أن يتناولها..


الصفحة التالية
Icon