ومثل ما ذا بعد ما استفهام أو مَن إذا لم تلغ في الكلام قوله تعالى: ﴿ يضل به كثيراً ﴾: الجملة استئنافية لبيان الحكمة من ضرب المثل بالشيء الحقير؛ ولهذا ينبغي الوقوف على قوله تعالى: ﴿ ماذا أراد الله بهذا مثلاً ﴾؛ و﴿ يضل به ﴾ أي بالمثل؛ ﴿ كثيراً ﴾ أي من الناس؛ ﴿ ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين ﴾ أي الخارجين عن طاعة الله؛ والمراد هنا الخروج المطلق الذي هو الكفر؛ لأن الفسق قد يراد به الكفر؛ وقد يراد به ما دونه؛ ففي قوله تبارك وتعالى: ﴿ وأما الذين فسقوا فمأواهم النار ﴾ [السجدة: ٢٠] : المراد به في هذه الآية الكفر؛ وكذلك هنا..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: إثبات الحياء لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما ).
ووجه الدلالة: أن نفي الاستحياء عن الله في هذه الحال دليل على ثبوته فيما يقابلها؛ وقد جاء ذلك صريحاً في السنة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفراً"(١) ؛ والحياء الثابت لله ليس كحياء المخلوق؛ لأن حياء المخلوق انكسار لما يَدْهَمُ الإنسان ويعجز عن مقاومته؛ فتجده ينكسر، ولا يتكلم، أو لا يفعل الشيء الذي يُستحيا منه؛ وهو صفة ضعف ونقص إذا حصل في غير محله..


الصفحة التالية
Icon